قال خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، إن هناك ثلاثة عناصر في تشخيص الأزمة الفلسطينية، أولها أزمة قيادة خطيرة ومزمنة؛ وثانيها غياب الفعل النضالي، المقاوم والسياسي، المنهجي والمتتابع والمتكامل بين مختلف ساحات الوطن، وتواجد شعبنا في الداخل والخارج؛ وثالثها الانقسام الفلسطيني المزمن، المستعصي على الحل حتى اللحظة، موضحًا أن العنصرين الأولين ساهما في تعميق الانقسام.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) ضمن برنامج "بدائل وخيارات"، الذي يستضيف مجموعة من الشخصيات التي لديها وجهات نظر ورؤى للخروج من المأزق الحالي، وذلك بمشاركة أكثر من 150 مشاركًا/ة من السياسيين والأكاديميين والباحثين والنشطاء والشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية، عبر تقنية "زووم".
وطرح مشعل رؤية للخلاص والخروج من هذا الواقع ومن تراكم الأزمات، من خلال ثلاثة محاور، يقوم المحور الأول على إعادة تشكيل القيادة الفلسطينية، بحيث يكون لها صيغة وشكل جديدان، وروح ورؤية جديدة وبرنامج جديد، ولا نعني بالجديد لا علاقة له بالماضي والحاضر، ولكن فيه تجدد وحيوية، وتوافق فلسطيني، وفعل حقيقي.
وأوضح أن القيادة هي مَن تُحدث الفارق، وإلا سنبقى في حالة من هذا الشتات، وعندما تتشكل القيادة؛ والعنوان منظمة التحرير، يصاحبها بناء مؤسسات الوطن والمنظمة والسلطة، وكل الهياكل الحزبية والنقابية والجامعية، والبلديات، برعاية قيادة موحدة.
أما المحور الثاني، فيقوم على استعادة زمام الفعل المؤثر، عبر برنامج نضالي مقاوم وسياسي متعدد الجبهات والميادين، متناغم ومتكامل ومتتابع، لنقل القضية إلى موقع آخر، بحيث نضغط على الاحتلال ونجبره على التراجع، وننجز أهدافنا الوطنية على طريق التحرير والعودة واستعادة الحقوق، والانتصار في معركة القدس، ومعركة تحرير الأسرى، وكسر الحصار عن غزة، واستعادة العافية في الضفة الغربية، وننجح في بلورة دور أكبر لأهلنا في 48، وتعزيز دور شعبنا في الشتات.
وختم مشعل رؤيته بالمحور الثالث القائم على استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، موضحًا أنه إذا نجحنا في إعادة تشكيل القيادة، واستعادة زمام الفعل النضالي المؤثر، فسننجح في إنهاء الانقسام، مبينًا أن الحل يكمن في الاتفاق على برنامج مشترك نكون فيه شركاء في القيادة وقراري الحرب والسياسة.
وأوضح أننا لا نختار شريكنا في الساحة الفلسطينية، بل نتشارك مع القائمين من أبناء الوطن، ولا أوافق على أن المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية خطان لا يلتقيان، فنحن نحتاج المقاومة بكل أشكالها.
أما بالنسبة إلى البرنامج الذي يمكن أن يُعتمد بيننا فليس برنامج "فتح" ولا برنامج "حماس"، وإنما برنامج الحد المشترك الذي نستطيع الالتقاء عليه، موضحًا أن المقاومة نشأت من أجل التحرير والعودة، ولا يعني أنها غيّرت أهدافها إذا وُظّفت لفك الحصار عن قطاع غزة لصالح شعبنا.
وأشار إلى أن حركته وافقت، في العام 2005، على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، على أساس برنامج مشترك مع القوى والفصائل الفلسطينية، مع احتفاظ "حماس" ببرنامجها ومبادئها المتمسكة بكل فلسطين، ولكن ما جرى طوال السنوات الماضية يتطلب منا جميعًا العودة إلى الرواية الأصلية والتمسك بكامل الوطن الفلسطيني من البحر إلى النهر.
وقال هاني المصري، المدير العام لمركز مسارات، الذي أدار الحوار، إن هذه الجلسة تأتي في سياق برنامج "بدائل وخيارات"، الذي يحاول تقديم تصورات وأفكار وخيارات وبدائل في مواجهة المأزق الشامل الذي تعيشه القضية الفلسطينية، موضحًا أن هذا المأزق لا يعني أن كل شيء سلبي، بل هناك الكثير من مظاهر الصمود والبطولة والمقاومة، إضافة إلى المأزق الذي تعيشه إسرائيل، والمتغيرات الإقليمية والدولية التي يمكن أن توظف لصالحنا إذا أحسن الفلسطينيون التصرف.
وبيّن مشعل إلى أننا نعرف أن السلطة قائمة على أوسلو، علمًا أن أرئيل شارون دمّر أوسلو عبر اجتياحه للضفة في عملية "السور الواقي"، كما أن الرئيس الراحل ياسر عرفات غيّر القواعد بخوضه الانتفاضة الثانية، وعمل سقفًا نضاليًا جيدًا انخرطت فيه مختلف القوى والفصائل، موضحًا أن "حماس" خاضت انتخابات 2006 لتغيير أوسلو من داخل المؤسسات.
وشدد على وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة، قائلًا "لو أرادت "حماس" أن تنفصل بغزة عن الضفة لتأخذ غزة ميناءً ومطارًا بهذا الثمن لنلنا ذلك، لكن لن نفعل، فغزة والضفة وحدة واحدة وهما جزء من الوطن والشعب.