قائد الطوفان قائد الطوفان

المقاومة في الضفة تربك الاحتلال

الرسالة نت- شيماء مرزوق

تتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بوتيرة ملحوظة، منذ معركة سيف القدس التي خاضتها المقاومة في غزة؛ دفاعاً عن المسجد الأقصى، ورفضاً لتهجير أهالي حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة في مايو الماضي.

وشكلت المعركة محطة تاريخية سواء في دوافع المقاومة لخوضها أو النتائج المهمة التي حققتها.

انعكاسات المعركة على جبهة الضفة الغربية لم تطل، وبدأت تتسع رقعة التصعيد بوتيرة غير مسبوقة، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة اشتباكات مسلحة شبه يومية بين مقاومين وقوات الاحتلال التي تداهم المدن والقرى وتنفذ عمليات اعتقال وغيره، وهو أمر لم يألفه الاحتلال في الضفة بهذه الوتيرة منذ الانتفاضة الثانية.

الحدث المفصلي كان عقب اغتيال قوات الاحتلال لخمسة مقاومين فجر الأحد الماضي في مدينتي جنين والقدس، وإصابة ضابط وجندي من وحدة دوفدوفان الخاصة بجراح وصفت بالخطيرة، ما شكل إضافة نوعية لطبيعة العمليات التي تنفذ.

التحولات المهمة التي تشهدها ساحة الضفة، شغلت المؤسسة العسكرية والأمنية لدى الاحتلال، الذي ادعى أن حركة حماس في غزة وقادة الحركة في الخارج يعملون على إشعال ساحة الضفة، ما دفع الاحتلال لتوجيه رسالة تحذير وصفت بـ”الطارئة وشديدة اللهجة” للمقاومة بغزة عبر الوسيط المصري.

وأكدت المصادر أن "إسرائيل" غاضبة جدًا من التطور الأخير للأحداث الميدانية داخل الأراضي الفلسطينية، وتتهم حركة “حماس” بشكل مباشر بمحاولة تأجيج الأوضاع ودعم الاحتجاجات والمظاهرات في مدن الضفة ومواجهة جيش الاحتلال وتوغلاته المتكررة للمدن والقرى الفلسطينية، وكذلك إعادة تفعيل العمليات الفردية من طعن ودهس وشحن الشارع الفلسطيني.

وذكرت أن هذه الأوضاع “غير المستقرة” في الضفة على وجه الخصوص تقلق الحكومة الإسرائيلية كثيرًا مما جعلها ترسل رسالة للوسيط المصري، تحذره من إيقاف وإلغاء كافة التسهيلات الاقتصادية التي أعلنت عنها دولة الاحتلال في قطاع غزة، وتشمل مساحة الصيد البحري، وعمل المعابر الحدودية، ودخول المواد الأساسية لسكان القطاع.

وبحسب الرسالة فإن إسرائيل أبلغت مصر بأن “حماس ستدفع الثمن غاليًا في حال استمرت بنهجها بتأجيج الأوضاع بالضفة وغزة، وأن كافة التسهيلات التي أقرت في السابق سيتم التراجع عنها فورًا”.

ويخشى الاحتلال أن حماس تعمل بكل قوة على استنهاض حالة المقاومة في الضفة لتستعيد قدرتها على مواجهة الاحتلال وتشكيل تهديد له في الساحة الأخطر والتي تشكل خاصرة رخوة له.

وبحسب المحلل العسكري في موقع "واينت" الإلكتروني، رون بن يشاي فإن حماس تحاول تحقيق غايتين إستراتيجيتين بنظرها بواسطة تشكيل البنية التحتية في الضفة.

الأولى وضع نفسها كمنظمة مقاومة نشطة وقيادية، ومخلصة لأيديولوجيتها الأساسية. وفي موازاة ذلك، تسعى حماس إلى إنشاء بنية تحتية نشطة في (الضفة الغربية) غايتها استدراج الجيش "الإسرائيلي" إلى عمليات مكثفة وعلنية في قلب بلدات مركزية في المناطق؛ لتعرية السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية كمتعاونة مع إسرائيل".

وقال بن يشاي أن جيش الاحتلال لن يسمح لحماس بأن تزيد قوتها - ليس في غزة فقط، وإنما في الضفة أيضا – من الناحيتين السياسية والإدراكية، ولن تسمح لحماس بتحويل غزة والضفة إلى حلبتين لجبهة واحدة، تسيطر فيهما وتقودهما بموجب مصالحها وأيديولوجيتها".

ووفق هذه الرؤية يصعب على الاحتلال الفصل بين الساحتين "غزة والضفة" أو التعامل مع أحداث الضفة بمعزل عن غزة، فالاحتلال يريد إيصال رسالة لحماس والمقاومة أن تصعيد كبيرا وتغييرا دراماتيكيا في المشهد في الضفة لن يُبقي غزة بعيدة، وإنما سيصعد الضغط الإنساني والاقتصادي ويزيد خنق القطاع المحاصر.

المعلق العسكري لصحيفة "يسرائيل هيوم" يوآف ليمور اعتبر أن حركة "حماس" تمارس لعبة "مزدوجة"، حيث إنها من ناحية تخوض اتصالات غير مباشرة مع "إسرائيل" بهدف التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وفي الوقت ذاته تحاول إشعال الضفة الغربية.

ويحاول الاحتلال الربط بين الهدوء في القطاع والضفة معًا بعد العمليات الأخيرة، لكن تبقى خيارات حكومة الاحتلال محدودة، كي لا يحرق كليًا ما تبقى من سلطة التنسيق الأمني، وحتى لا يشعل جبهة خطيرة.

أي تصعيد في الضفة، في ظل حكومة إسرائيلية هشة له عواقب وخيمة، كما أن انهيار تفاهمات التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة خيار صعب ينذر بسقوط حكومة الاحتلال.

أمام ما سبق فإن تركيز الاحتلال سينصب على استخدام الوسائل الاستخبارية والأمنية من أجل تحييد خلايا "حماس" العاملة في الضفة، التي ينسب إليها العمليات الأخيرة، على أمل أن ينجح في ضبط الأمور حتى لا يكون مضطرًا لخوض غمار مواجهة مع "حماس".

البث المباشر