قائمة الموقع

لماذا تحارب الصين العملات المشفرة؟

2021-10-02T19:48:00+03:00
توضيحية
الرسالة نت-وكالات

لسنوات طويلة، ظلت صناعة العملات المشفرة وقاعدة المستخدمين في الصين من أكثر القطاعات نشاطا في العالم، فمنذ يناير/كانون الثاني الماضي، تلقت العناوين، التي يُعتقد أن مستخدمين في الصين يتحكمون بها، أكثر من 150 مليون دولار من العملات المشفرة، وهي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.

لكن مكانة الصين، كقوة عظمى في مجال العملات الرقمية، يمكن أن تتغير، حيث تشير الأحداث الأخيرة إلى أن الحكومة الصينية تبذل جهودا حثيثة لتوجيه الأمة بعيدا عن العملات المشفرة التقليدية اللامركزية.

يأتي ذلك متزامنا مع تحركات الصين لإطلاق اليوان الرقمي، حيث يمكن له أن يحسّن قدرة الحكومة على إدارة الاقتصاد، لكن في الوقت ذاته يثير مخاوف مستثمرين بشأن إمكانية تحوله لأداة مراقبة مالية.

فهل تسعى الحكومة الصينية للإطاحة بالعملات المشفرة داخل أراضيها لإبراز اليوان الرقمي؟

ما الإجراءات التي اتخذتها الصين؟

بلغت سيطرة الصين على الصناعة ذروتها حين أعلنت 10 وزارات ولجان، بما في ذلك البنك المركزي الصيني، حظر تداول العملات المشفرة أو التعدين، ومنعت البورصات الخارجية من تقديم خدمات لمستثمري البر الرئيسي عبر الإنترنت.

وبناء عليه، توقفت أكبر بورصتين في العالم "هوبي غلوبال" (Huobi Global) و"Binance" عن فتح حسابات جديدة لعملاء البر الرئيسي، وصرحت "هوبي" بأنها ستزيل الحسابات الحالية قبل نهاية هذا العام.

ووجد استطلاع أجرته "بانيونز" (Panews) أن 14% من المواطنين الصينيين قد استثمروا في العملات المشفرة.

ويمكن إرجاع التنظيم الصيني للعملات الافتراضية إلى عام 2013، عندما منعت البنوك من معالجة معاملات البتكوين.

وفي عام 2017، أمرت الحكومة الصينية بورصات العملات المشفرة المحلية بوقف عملياتها، وفي مايو/أيار الماضي، حظر مجلس الدولة الصيني المؤسسات المالية من تقديم خدمات تداول العملات المشفرة، واتخذ إجراءات صارمة ضد أنشطة تعدين البتكوين.

لماذا تنفذ بكين هذه الإجراءات؟

صرح البنك المركزي بأن الإجراءات تهدف لمزيد من الوقاية والتخلص من مخاطر تداول العملات الافتراضية، فيما قال تقرير لموقع "ساوث تشاينا مورننغ بوست" (South China Morning Post)، إن هذه الخطوة ستضاعف جهود ثاني أكبر اقتصاد في العالم للقضاء على المخاطر المخفية في نظامه المالي، ومواصلة تعزيز الحملة الطموحة للحفاظ على الطاقة وخفض الانبعاثات.

لكن خبراء ذهبوا لأبعد من هذه الأهداف، إذ يعتقدون أن الصين تسعى لتوجيه المواطنين نحو استخدام اليوان الرقمي، لتسهيل مراقبة الحكومة لمعاملات المواطنين المالية.

ونقل مقال لموقع "كوارتز" (Quartz) عن مهندس في الأكاديمية الصينية للعلوم في شنغهاي قوله، إن الصينيين يشترون عملة البتكوين لأن معاملاتها خالية من سيطرة الحكومة، فيما أورد موقع "إنفيستوبوديا" (Investopedia) أن تضاءل عائدات الاستثمارات التقليدية المدعومة من الدولة جعل الصينيين الأغنياء يبحثون عن فرص الاستثمار في الخارج ويتبادلون العملة المحلية بالدولار الأميركي.

ويزعم تقرير لـ "تشين ألايسس" (Chainalysis)- وهي شركة أبحاث تحليلية- أن 50 مليار دولار من العملات المشفرة تم نقلها من المحافظ الرقمية التي تتخذ من الصين مقرا لها إلى أجزاء أخرى من العالم في عام 2019، مما يشير إلى احتمالية قيام المستثمرين الصينيين بتحويل أموال أكثر مما هو مسموح به خارج البلاد، إذ يُسمح للمواطنين الصينيين فقط بشراء ما يصل إلى 50 ألف دولار من العملات الأجنبية سنويا في مؤسسة مالية.

واستجابة لذلك، وضعت الحكومة ضوابط على رأس المال لمنع تدفق اليوان والانخفاض اللاحق في قيمته، وسارعت بإطلاق النسخة التجريبية من اليوان الرقمي.

ما علاقة الإجراءات بالاستهلاك المفرط للطاقة؟

يُظهر مشروع جامعة كامبريدج "مؤشر استهلاك الكهرباء للبتكوين في كامبريدج"، أن تعدين البتكوين يستهلك ما يقدر بـ128.84 تيراواتا/ساعة من الطاقة كل عام، وهو أكثر من استهلاك بلد بأكمله، مثل أوكرانيا والأرجنتين.

وتمثل الصين ما يقرب من 65% من جميع عمليات تعدين البتكوين في العالم، وتستحوذ منغوليا الداخلية على نحو 8% من المعدل الوطني بسبب طاقتها الرخيصة.

وبموجب الترتيبات الجديدة، ستواجه مشاريع تعدين العملات المشفرة أسعارا أعلى للكهرباء، وتطلب الحكومة المركزية زيادة قدرها 0.3 يوان (0.0046 دولار أميركي) لكل كيلووات/ساعة من استهلاك الكهرباء، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومات المحلية زيادة الأسعار.

وكانت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح أعلنت أنها ستدرج أنشطة تعدين العملات المشفرة باعتبارها صناعة قديمة مستهلكة للطاقة تستوجب فرض قيود تجارية، وهو ما جعل بعض المقاطعات الآن تتنافس على تقليل إنتاج الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بشكل كبير لضمان وصول المقاطعة إلى هدف التحكم لعام 2021.

أين وصل مشروع إطلاق اليوان الرقمي رسميا؟

وفقا للكتاب الأبيض "تقدم البحث والتطوير للرنمينبي الرقمي الصيني" الذي أصدره بنك الشعب الصيني، فإن العدد التراكمي للصفقات التجريبية التي تمت لليوان الرقمي اعتبارا من 30 يونيو/حزيران الماضي، بلغت 70.75 مليونا، بقيمة 345.1 مليون يوان (53 مليونا و427 ألف دولار أميركي).

وتظهر البيانات المنشورة، أن اليوان الرقمي (e-CNY) أصدر ما مجموعه 34.5 مليار يوان، وتوزعت المبالغ على 24.38 مليون محفظة شخصية وعامة، ويبلغ متوسط رصيد كل محفظة نحو 1415 يوانا.

هل صعود اليوان الرقمي يهدد هيمنة الدولار الأميركي؟

وفقا لتقرير أعده موقع "تشين ألايسس" (Chainalysis) بعنوان "تحليل تاريخ العملة المشفرة في الصين"، فإن بكين عازمة على تطوير اليوان الرقمي للاستخدام المحلي الفوري، وربما الاستخدام الدولي في المستقبل.

ويضيف التقرير أن السياسة النقدية المحسنة والمراقبة المالية للمواطنين الصينيين هي أهداف المشروع قصيرة المدى، لكن على المدى الطويل، فإن انتشار اليوان الرقمي بشكل واسع محليا، وبدء استخدامه عالميا مع عملات رقمية لبنوك مركزية في دول أخرى قد يؤديان إلى الإضرار بوضع الدولار الأميركي كعملة احتياطية في العالم، من خلال إجراء ترتيبات للتبادل بعملات البنوك المركزية دون الحاجة للاعتماد على نظام "SWIFT" الذي يحتاج للدولار الأميركي.

لكن التقرير أوضح أن هذه ليست مخاطرة لعام 2022، ولكن ربما تكون أكثر في عام 2032 وما بعده.

المصدر : الجزيرة

اخبار ذات صلة