يعكس التقرير الصادر عن الأمم المتحدة حجم النكسة والتدهور الاقتصادي الفلسطيني بسبب الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته التي تسعى إلى قتل النمو والنهوض بالواقع الاقتصادي وتعمد إبقائه بوضع سيء.
واعتبرت الأمم المتحدة، في تقرير لها، الاحتلال الاسرائيلي وممارساته على الأرض السبب لكل المشاكل التي يعانيها الاقتصاد الفلسطيني، فيما لم تضف جائحة كورونا رغم تداعياتها شيئاً يذكر لتعقيدات الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وذكر التقرير الصادر عن منظمة "أونكتاد" التابعة للأمم المتحدة أن التعافي البطيء أو غير الكافي في عام 2021 سيزيد من خطر إفلاس الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي وصلت إلى حافة الهاوية.
وبين أن الاقتصاد الفلسطيني انكمش بنسبة 11.5 % في عام 2020، وهو ثاني أكبر انكماش منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1994، من نمو بلغ 1.4 في المائة في عام 2019 وفقًا لبيانات "أونكتاد".
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 66 ألف موظف فقدوا وظائفهم وارتفعت البطالة إلى 26% وانخفض معدل المشاركة في القوى العاملة إلى 41% في عام 2020، بعدما كان 44% في عام 2019، واجتاحت الأزمة جميع قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك السياحة والبناء والخدمات والقطاعات الصناعية والزراعية.
وتراجعت جميع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، وتقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18%، وتم إغلاق ثلثي المؤسسات بالكامل، وارتفعت البطالة إلى 39 %، بينما انخفض الاستثمار والتصدير والواردات بشكل كبير، وفقًا لوكالة الأمم المتحدة، وفق التقرير.
إبقاء العراقيل
ويؤكد أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر د. معين رجب، على أهمية ومصداقية ما جاء في التقرير الأممي، مشددا على أن الاحتلال هو السبب المباشر والمصمم على استمرار وضع الاقتصاد وله دور أساسي في هذا الأمر.
ويوضح رجب في حديثه لـ"الرسالة" أن الاحتلال معني ببقاء الوضع كما هو عليه ويعتبره مريحاً له؛ كون أن هذا الوضع يعزز الاقتصاد الإسرائيلي ويساهم في نموه، ويحرص الاحتلال على إبقاء العراقيل قائمة حتى لا تقوم للفلسطيني أي قائمة.
ويبين أن الواقع يحدث عن نفسه وإجراءات الاحتلال تركت بصماتها على جميع شرائح المجتمع وأدت إلى تراجع حاد في النمو الاقتصادي الذي يتراوح بين 10 و13 % سنويا وهو ما أكدته تقارير الأمم المتحدة والإحصاء الفلسطيني.
ويشير رجب إلى أنه ليس هناك خلاف على الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعيشها الاقتصاد الفلسطيني فالبطالة عالية جدا ولا مثيل لها في أي من البلدان وهي مشكلة مستعصية وحملت معها مشكلتي الفقر والجوع.
ويرى الكاتب والمختص في الشأن الاقتصادي د. محسن أبو رمضان، أن التقرير شخّص حالة الاقتصاد المتدهور وكشف عن السبب الرئيسي وهو الاحتلال وممارساته في الاستيطان ومصادرة الأراضي ومنع حرية الحركة للبضائع والأفراد وجميعها أدت لتدهور الأوضاع الاقتصادية.
ويبين أبو رمضان في حديثه لـ"الرسالة" أن السيطرة الإسرائيلية على مناطق "ج" كمثال؛ تحرم الاقتصاد الفلسطيني حوالي 3.5 مليار دولار وهو مؤشر على أن استمرار سيطرة الاحتلال الإسرائيلي وقيوده على الموارد والحدود والمعابر والمقدرات الاقتصادية، هو السبب الرئيسي لتدهور الاقتصاد الفلسطيني وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وخاصة في قطاع غزة.
ويؤكد أن الاحتلال يعيق أي مشاريع تنموية مستقبلية ويريد تحويل الاقتصاد الفلسطيني لتابع واستهلاكي ولا يمتلك القدرة على التطور والانطلاق.