يتكرر مشهد هدم قرية العراقيب الواقعة جنوب منطقة النقب للمرة 193 دون رادع للاحتلال الإسرائيلي الذي يتعدى على سكانها ويهدم منازل الصفيح فوق رؤوسهم بحجة عدم اعتراف حكومة الاحتلال بالقرية.
ورغم محاولات الاحتلال التعدي على سكان قرية العراقيب وتدمير بيوتهم، إلا أنه في كل مرة يعيدون بناءها من جديد، لاسيما وأن غالبية بيوتها مصنوعة من الخشب والبلاستيك والصفيح.
ويعيش في القرية 22 عائلة، يتحدون الاحتلال ويعيدون بناء بيوتهم من جديد لإصرارهم على البقاء في أرضهم رغم الهدم المتكرر لها.
وتجدر الإشارة إلى أن المرة الأولى التي هدمت فيها السلطات الإسرائيلية قرية العراقيب كانت في يوليو 2010.
يقول صياح الطوري شيخ العراقيب: "الخميس الماضي اقتحمت سيارات وحدة يوهاف ووحدة الهدم وعدة أذرع من الحكومة الإسرائيلية القرية، وقطعوا "العرش" بماتور "منشار قص الخشب"، وهذه طريقة جديدة لم يتصورها العقل البشري"، مؤكداً أنه لولا توثيق وتصوير جرائم الاحتلال لا يصدقها بشر.
وأضاف: "لا تزال قضية قرية العراقيب وإثبات ملكية السكان لأراضيهم في أروقة المحاكم منذ 2010، ومع ذلك بكل وقاحة يتهجم الاحتلال على مساكن أهالي القرية".
ولفت شيخ القرية الطوري إلى أن هدف الاحتلال ترحيل السكان عن القرية، لكن محاولاته باءت بالفشل، فبعد كل عملية هدم يستمر صمود السكان، مؤكدا أن الأهالي مستعدون لمواجهة المحتل، حتى لو هدم البيت في اليوم الواحد عشر مرات، فسيعيدون بناءه من جديد.
ويعود تاريخ إنشاء قرية العراقيب للمرة الأولى إلى فترة الحكم العثماني على أراض اشتراها السكان كما ورد في تقرير سابق أعدته منظمة "ذاكرات" التي تضم ناشطين (إسرائيليين) (يهوداً وعرباً) وتؤرخ للنكبة الفلسطينية عام 1948.
ويمتلك سكان العراقيب وثائق "طابو" (شهادات ملكية للأرض) صادرة أيام الحكم العثماني، ويستدلون على ذلك بأن مقبرة القرية يعود وجودها إلى بداية القرن التاسع عشر الميلادي.
وتجدر الإشارة إلى أن نحو 240 ألف فلسطيني يعيشون في صحراء النقب، يقيم نصفهم في قرى وتجمعات بعضها مقام منذ مئات السنين، ولا تعترف سلطات الاحتلال (الإسرائيلية) بملكيتهم لأراضي تلك القرى والتجمعات، وترفض تزويدها بالخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، وتحاول بكل الطرق والأساليب دفع العرب الفلسطينيين إلى اليأس والإحباط لاقتلاعهم وتهجيرهم.
وحين احتلت (إسرائيل) منطقة النقب -التي تمثل نحو نصف مساحة فلسطين التاريخية- في عام 1949، أصبحت العراقيب واحدة من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف بها (إسرائيل)، وتحرمها من الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والماء والكهرباء والاتصالات، باعتبارها قرى غير قانونية.
وتعمل السلطات الإسرائيلية على هدم هذه القرى وتجميع سكانها في ثمانية تجمعات أقامتها لهذا الغرض، بناء على قرار اتخذته المحاكم الإسرائيلية عام 1948 بأنه "لا ملكية للبدو في أرضهم"، رغم أن إجمالي سكان هذه القرى نحو 90 ألف نسمة، ومعظمها قائم قبل الاحتلال.
وبحسب ما يقوله سكان العراقيب فإن تهجير الاحتلال الأول لهم كان عام 1953، ثم تكثفت حملات التهجير الجزئي بعد نكسة 1967 بحجة أن المنطقة تابعة "للصندوق القومي اليهودي" (كيرين كاييمت)، وأحيانا بذريعة ضبط عمليات البناء بشكل ممنهج، إضافة إلى الدواعي الأمنية والعسكرية حيث يقع مفاعل ديمونا النووي في المنطقة.
ويعتمد اقتصاد قرية العراقيب على رعي الماشية والزراعة، خاصة أشجار الزيتون التي اقتلعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الآلاف منها في عمليات الهدم المتكررة.