مع بداية تفشي جائحة كورونا عام 2020 في الأراضي الفلسطينية، أعلنت حكومة محمد اشتيه إطلاق "صندوق وقفة عز"، ليجمع تبرعات من الشركات الاقتصادية والمساهمة في الأراضي الفلسطينية.
ديوان الرقابة الإدارية والمالية في السلطة، أكدّ في تقرير صدر مؤخرا وجود شبهات فساد في إدارة توزيع الصندوق، ما يترك سؤالا حول شكل ومدى مساحة الفساد التي تعتري إدارة الصناديق الأخرى؟!
صندوق عز!
بحسب تقرير الرقابة فقد جرى صرف مساعدات مالية لمستفيدين يتلقون رواتب أو شبه رواتب، من الخزينة العامة.
وحول صرف المساعدات في غزة، قال التقرير إن 5533 استفادوا من البرنامج في القطاع، من بين 40456 شملتهم المساعدات.
وقال إن بعض المستفيدين من الصندوق تتجاوز رواتبهم 11 ألف شيقل، وبعضهم يعمل في بنوك فلسطينية وتتجاوز رواتبهم 16 ألف شيقل، كما أن مستفيدين آخرين يعملون في شركات الاتصالات وتبلغ قيمة رواتبهم 8 آلاف شيقل، في مخالفة واضحة لمعايير الصرف التي وضعتها الوزارة.
وتبلغ قيمة التبرعات 12.5 مليون دينار أردني (60 مليون شيقل)، في حين يقدر المبلغ الذي سعى الصندوق لجمعه بــــ 20 مليون دينار أردني (96 مليون شيقل)، وهي آخر أرقام محدثة في 11 مايو 2020م.
بعيد الإعلان عن تشكيل الصندوق، بدأ التسجيل للفئات المتضررة، لتعلن حكومة رام الله عن تسجيل قرابة 270 ألف مواطن منهم 163 ألف شخص من قطاع غزة و107 آلاف من الضفة الغربية.
آلية التشكيل!
تشكيل الصندوق منذ البداية صاحبه شبهات فساد في سبيل استبعاد ممثلين عن قطاع غزة.
الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، أكدت أنها تابعت باهتمام وقلق شديدين حالة الجدل التي صاحبت إنشاء صندوق وقفة عزة، بموجب مرسوم رئاسي صادر بتاريخ 02 إبريل 2020، بهدف جمع التبرعات والدعم من القطاع الخاص والمجتمع الفلسطيني للمساعدة في مواجهة حالة الطوارئ والركود بسبب فيروس كورونا (كوفيد 19).
وفقا لمتابعة الهيئة الدولية (حشد) فإنه منذ اللحظات الأولى لإعلان تشكيل صندوق "وقفة عز" أثيرت حالة من الجدل وعدم الرضا الشعبي، وذلك لأسباب متعددة، يقف على رأسها تغييب متعمد لممثلي القطاع الخاص من قطاع غزة عن مجلس إدارة الصندوق، البالغ عددهم 30 شخصية.
وقد امتدت حالة عدم الرضا الشعبية والنقابية، من خلال إعلان الاتحادات النقابية التجارية منها والصناعية عدم تلقيهم لأي مساعدات مالية من ميزانية صندوق وقفة عز.
وقال الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين إن السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية مارست التمييز بحق أهالي القطاع تحديداً فئة العمال عبر حرمانهم من مساعدات صندوق "وقفة عز".
وأضاف سامي العمصي نقيب الاتحاد لـ"الرسالة نت": لم يتواصل معنا أحد ولا علاقة لنا بتحديد الأسماء المستفيدة، علماً أن لدينا قواعد بيانات دقيقة حول أوضاع العمال في كافة المجالات".
من جهته، قال أسامة كحيل نقيب اتحاد المقاولين لـ"الرسالة نت": "تعاملت إدارة صندوق عز مع توزيع المساعدات سابقا عبر قنوات تنظيمية، ولم توزع عبر الأطر النقابية، ولم تصل لمستحقيها من العمال، ويفترض أن توجه المساعدات عبر الأطر النقابية المنتخبة التي تراقب نفسها وتخضع للمراقبة كذلك".
صناديق أخرى
"صندوق عز" ترك سؤالا حول الصناديق المالية السيادية التابعة رسميا للسلطة الفلسطينية، وأهمها صندوقا "القومي والاستثمار" ودورهما في إدارة الأزمة.
ونشأت صناديق إغاثية أخرى مثل "صندوق الأقصى"، و"صندوق الحوادث"، إضافة الى "صندوق التأمين والمعاشات"، ولكل وظيفته.
وزير التخطيط السابق عبد الله سمير قال، إن صندوق الاستثمار الفلسطيني لا يزال غامض الأولويات، مشيرا إلى أنّه غير واضح حول إن "كان سياديا من عدمه، رغم التصريحات التي تطلقها الشخصيات الرسمية حول سياديته".
وأضاف عبد الله أن الصندوق تحول لمؤسسة بعد الانتفاضة، ويتبع بشكل مباشر للرئاسة، ويديره مستشار الرئيس.
وذكر أن العلاقة ليست واضحة على سياديته، مشيرا إلى أن عملية الاستثمار فيه بدأت من الخارج في عدد من الدول، ثم بدأت بعد ذلك في إدارة تحويله للاستثمار في القطاعات الخاصة بالأراضي الفلسطينية.
وأوضح عبد الله أنه عام 2003، كان رأس المال المجموع قد تجاوز مليارا و900 ألف، وجرى تحويل الاستثمارات للداخل.
ولفت إلى أن الصندوق لم يعتمد كثيراً على المشاريع الاستراتيجية "ويؤخذ عليها أن المشاريع التي تعتمدها لا تترك بصمة كبيرة في الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، وإن كانت تتبنى بعضها للصب في هذا الاتجاه".
ولفت إلى أن بعض المشاريع الاستراتيجية التي تبناها الصندوق، شكلت عبئاً على موازنة السلطة ومن بينها شركة الكهرباء في غزة.
وذكر أنه لا يوجد مخازن استراتيجية للنفط أو القمح أو غيرها، ما يعني عدم وجود فرصة للحكومة في إيجاد بديل عن الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال.