قائد الطوفان قائد الطوفان

لتحويلها إلى حديقة توراتية.. الاحتلال ينكل بأموات المقبرة اليوسفية

المقبرة اليوسفية
المقبرة اليوسفية

الرسالة نت – مها شهوان

صباح العاشر من أكتوبر، فزع المقدسيون القريبون من المقبرة اليوسفية الملاصقة للمسجد الأقصى من الجهة الشرقية، من صوت معدات بلدية الاحتلال "التدميرية" وهي تنبش القبور وتخرج رفات المسلمين الشهداء والموتى منهم، في محاولة لتهويد المقبرة والسيطرة عليها وفق مخطط إسرائيلي جديد.

لم يصمت الشبان المقدسيون حيال ذلك الانتهاك بحق الموتى، فقد اندلعت مواجهات بينهم وبين الاحتلال فأحرقوا المقر المؤقت لبلدية الاحتلال في موقع التجريف والتهمت النيران "الكونتينر" الذي يضم أدوات الحفر في المقبرة.

وأعادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قضية تهويد المقبرة اليوسفية في القدس المحتلة إلى الواجهة، بعد موافقة محكمة الاحتلال على استئناف أعمال التجريف في أرض المقبرة، وتحويلها إلى "حديقة توراتية".

واستجاب قاضي محكمة "الصلح" الإسرائيلية لطلب بلدية الاحتلال في القدس وما تسمى "سلطة الطبيعة" استئناف أعمال التجريف في أرض المقبرة.

المقبرة اليوسفية أو مقبرة "باب الأسباط" تحمل في طياتها تاريخ أمة حافظت دائما على القدس، وقدمت من أجلها آلاف الشهداء، فعمرها الممتد منذ الأيوبيين الذين حرروا القدس ودحروا الغزاة هو أكبر من أن تطمسه حكومة المستوطنين، فهي ما زالت تحمل نصبا تذكاريا لشهداء دافعوا عن القدس عام 1967، وشهداء في مجزرة الأقصى عام 1990.

وتزامن التصعيد الميداني الأخير في المقبرة اليوسفية مع إقامة "الصلاة الصامتة" لليهود في المسجد الأقصى، واستهداف رموز مدينة القدس المحتلة وعلى رأسهم الشيخ عكرمة صبري.

يذكر أن القوات الإسرائيلية هدمت سور المقبرة والدرج في المدخل المؤدي إليها مطلع شهر ديسمبر 2020، وواصلت بعدها أعمال الحفر والتجريف في مقبرة الشهداء، والتي تضم رفات شهداء من الجيشين العراقي والأردني، لصالح "مسار الحديقة التوراتية".

*****حديقة التوراتية

حين انتشر خبر عمليات التجريف في المقبرة اليوسفية، وصل أهالي من دفنت جثامينهم في المقبرة ليطمئنوا على أن القبور لم تنبش، لكن جنود الاحتلال كانوا عاثوا خرابا في عدد من المقابر. وحين حاولت الشرطة الإسرائيلية إخفاء عظام الأموات ومصادرتها، خاطبهم المقدسيون "بأي حق تأخذون العظم".

وفي مقال كتبه ناصر الهدمي رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ذكر أن قضية التهويد في القدس تمثل مشروعًا استراتيجيًا للاحتلال لا يمكن أن يتوقف، إذ يتم سن قوانين للسيطرة على الأرض الفلسطينية والأماكن العامة فيه، لافتا إلى أن خطة الاحتلال الشاملة لأجل تهويد المدينة المقدسة مستمرة، بما فيها تهويد المقبرة اليوسفية وتحويلها إلى “حديقة توراتية” للمستوطنين.

وقال: "بعدما أوقفت الحفريات والتجريف في أرض المقبرة، أجازت محكمة الاحتلال استئناف ذلك، بهدف منع المقدسيين من التوسع بالمقبرة، واستحداث قبور جديدة فيها"، منبها من خطورة قرار محكمة الاحتلال بشأن المقبرة.

وأضاف الهدمي: "لا شك أن مثل هذه القرارات خطيرة جدًا، لأن تهويدها وإقامة حديقة توراتية على أرضها من شأنه جلب أعداد كبيرة من المستوطنين لزيارتها وتدنيسها، وفتح أبواب الحركة الإنسانية في المكان، إضافة لزيادة التضييق على المقدسيين".

وحول كيفية مواجهة سياسة التهويد، أوضح الهدمي أن البعد الجماهيري يشكل عنصرًا مهمًا ورئيسًا في التصدي لإجراءات الاحتلال ومشاريعه التهويدية، ووقف استهدافه للمقبرة اليوسفية، لأن هذا البعد آخر ما تبقى لدى المقدسيين الذين يواجهون سياسات الاحتلال وحدهم.

ولفت الهدمي إلى أن حكومة الاحتلال تخطط وتعمل على تشتيت المقدسيين وإرهاقهم، واستهداف منازلهم ومقدساتهم ومقابرهم، عبر فتح جبهات متعددة في وقت واحد، داعيا في الوقت نفسه، إلى التدخل العاجل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على مقابر المسلمين في القدس، بما فيها المقبرة اليوسفية.

وفي السياق ذاته يقول الكاتب السياسي مصطفى الصواف إن الاحتلال يعتدي على الموتى كما يتلذذ بقتل الأحياء، معتبرا أن الاعتداء على الموتى في قبورهم فاق التصور الإنساني والذي يرى نبش القبور وإخراج الجثث وإلقاءها في الطرقات دون أي حرمة للميت أو حتى لأهل الموتى سادية لم تخطر على قلب بشر، ولكنها نفذت على أرض الواقع بأيدي يهود في المقبرة اليوسفية في القدس.

ولفت الصواف في مقاله أن هذه الجريمة اللاإنسانية لم يحرك لها العالم ساكنا ولم يكترث لها دعاة الحرية وحقوق الإنسان كون المعتدى هم اليهود، مشيرا إلى أنه لو كان المعتدي مسلما لتداعت كل المنظمات والجمعيات الحقوقية لإدانة الفعل.

ومنذ مدة طويلة تعمل بلدية الاحتلال على محاصرة المقبرة وإحاطتها بالمشاريع التهويدية والمسارات والحدائق التلمودية بهدف إخفاء معالم الممرات والمواقع التاريخية الأصيلة المحيطة بالمقبرة.

 

 

البث المباشر