استكمالا لمسلسل الاستيطان في الضفة المحتلة، شرعت جرافات الاحتلال بعمليات تجريف واسعة في موقع عش غراب الواقع ضمن بلدية بيت ساحور إلى الشرق من بيت لحم تمهيدا لإقامة طريق استيطاني بالمكان يصل الى الطريق الالتفافي المقام على أراضي قرى شرق بيت لحم.
ومنذ مطلع 2018، كانت عين الاحتلال على منطقة "عش الغراب" للاستيلاء عليها، بعدما أصدر أمرا عسكريا يمهد لإقامة نواة استيطانية فيها، وربطها بالمستوطنات القريبة وصولا إلى مدينة القدس.
وكان يقضي قرار الاحتلال حينها بشق طريق يصل ما بين منطقة "عش غراب" الواقعة شرق مدينة بيت ساحور والشارع الاستيطاني الالتفافي المقام على أراضي قرى شرق بيت لحم، الذي يصل المستوطنات المقامة هناك بمستوطنة "هار حوماة" المقامة على أراضي المواطنين.
ويأتي تجريف الاحتلال لمنطقة "عش الغراب" لأسباب أمنية كما يدعي، وفق الأخطار الذي حمله لسكان المنطقة، وهذا الادعاء فيه خطورة لأنه يؤسس لإقامة مستوطنة وسط تجمعات سكانية فلسطينية كثيفة.
وتبلغ مساحة الموقع حوالي مائة دونم، وكانت تستخدمه قوات الاحتلال معسكرا للجيش خلال الانتفاضة الثانية وأخلته قبل عدة سنوات ليعود إلى بلدية بيت ساحور، التي نفذت عدة مشاريع حيوية فيها كحديقة للأطفال بدعم من الوكالة الامريكية للتنمية، وعلى الرغم من ذلك ظل المستوطنون يقتحمونه وينفذون احتجاجات على تسليمه للجانب الفلسطيني للضغط على قوات الاحتلال للعودة اليه، ليأتي هذا الإخطار ومن ثم الشارع في حال شقه استجابة لرغبات المستوطنين.
المشروع الاستيطاني
في السنوات الأخيرة كان واضحا أن الاحتلال يستشرس في عمليات الاستيطان حيث الأنفاق والشوارع والبؤر التي يقيمها لأطماع استيطانية، محاولا من خلال رسم الجغرافيا للدولة الفلسطينية عبر استيلائه على أراض في الضفة والقدس المحتلتين.
ويعقب الخبير الاستيطاني سهيل خليلة بالقول إن الاحتلال يحاول الوصول إلى نقطة حاسمة في الصراع مع الفلسطينيين وهي تعزيز وجوده بالضفة والقدس عبر الاستيطان.
وذكر خليلة "للرسالة نت" أنه خلال العشر سنوات الأخيرة كان الاستيطان يتمدد وفق استراتيجية استيطانية هدفها التركيز على الاستيطان الحقيقي، حيث كان التركيز على مستوطنات استراتيجية أكثر من غيرها عبر الاستثمار في البنية التحتية للطرق والكهرباء وشبكات البناء.
ولفت إلى أن لب تركيز الاستيطان كان في المستوطنات الواقعة بين الجدار الفاصل والخط الأخضر، موضحا أن المشروع الاستيطاني يتكون من ثلاثة أضلع وهي البناء الاستيطاني والطرق الالتفافية والمناطق الصناعية.
وأوضح الخبير الاستيطاني أنه تم وضع مخططات لـ 35 منطقة صناعية ستنفذ خلال العقد القادم.
وعن أهمية منطقة عش غراب، ذكر خليلة أنه كان مخيما عسكريا خلال الحكم الأردني، وحين احتلتها (إسرائيل) في 1967، حولتها لنقطة عسكرية لصالح الاحتلال، ووسعتها وأصبحت مساحة شاسعة.
وبحسب قوله فإن العمل توقف في المنطقة في 2004، لكن دون تسليمها للفلسطينيين، مبينا أنه فور إنهاء عمل الاحتلال على الطريق الالتفافي "ليبرمان" شرق بيت لحم، أوجد الجيش نقطة عسكرية لتكون شكلاً من أشكال الحماية لهم.
وفي الوقت ذاته بات للفلسطينيين حصة في نصف الموقع ووضعوا خططا لتطويره بإنشاء حديقة عامة وعيادة صحية، لكن تجمدت بسبب احتجاج المستوطنين وحاولوا الاستيلاء على الموقع لإنشاء بؤرة عسكرية لكنهم فشلوا حينها لوجود أحكام بعدم تمكين المستوطنين من الموقع.
وأشار إلى أنه في عام 2015 حول الاحتلال موقع "عش الغراب" إلى نقطة عسكرية واستولى على 20 دونما حوله، حتى باتت عمليات التجريف اليوم واضحة هناك، متوقعا أن المنطقة ستتحول لنقطة تابعة للإدارة العسكرية والمدنية الإسرائيلية.