بدأ أنصار "قوى الحرية والتغيير- مجموعة الميثاق الوطني" اعتصاما أمام القصر الرئاسي بالخرطوم في أعقاب مظاهرات طالبت بتشكيل حكومة جديدة، في حين رحبت واشنطن بخريطة طريق عرضها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك وتضمنت مقاربته لإنهاء الأزمة.
فقد شهدت العاصمة السودانية، أمس السبت، مظاهرات رفعت شعارات تطالب بحل الحكومة الانتقالية وتشكيل حكومة أخرى "أكثر تمثيلا لقوى الثورة"، وتمكن المحتجون من الوصول إلى أسوار القصر الجمهوري ونصب منصة للاعتصام.
وقال قادة المحتجين إنهم يعتزمون مواصلة الاعتصام أمام القصر الرئاسي حتى تحقيق مطالبهم.
وأفاد مراسل الجزيرة من أمام القصر الجمهوري بأن جموعا من المتظاهرين احتشدوا أمام البوابة الجنوبية للقصر، في حين تناوب قادة من "مجموعة الميثاق الوطني" على إلقاء خطب من فوق منصات تم نصبها لهذا الغرض.
وأشار المراسل إلى أن المظاهرة الرئيسية انفضت مع ساعات المساء فيما نصبت مجموعة من المتظاهرين منصة للاعتصام في المكان.
ولفت المراسل إلى أن قوات الأمن السودانية أعلنت أنها قبضت على مجموعة ترتدي ملابس مدنية، أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين قرب أبواب القصر الجمهوري، من دون أي تفاصيل إضافية.
ويطالب المتظاهرون بتوسيع قاعدة المشاركة في حكومة الفترة الانتقالية وتشكيل حكومة كفاءات، وتحسين الأوضاع المعيشية و"استعادة الثورة من مختطفيها"، وكذلك إكمال هياكل الفترة الانتقالية من المحكمة الدستورية ومجلس القضاء وكل المفوضيات الواردة في الوثيقة الدستورية.
في المقابل، قللت "قوى الحرية والتغيير-مجموعة المجلس المركزي" من فاعلية هذه المظاهرات، واتهمت من أسمتهم بفلول النظام السابق والانقلابيين بالوقوف وراءها.
ودعا مؤيدون لقوى التغيير إلى مظاهرة مليونية الخميس المقبل.
ميثاق التوافق الوطني
ووقّعت قيادات تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، المعروفة بمجموعة "ميثاق التوافق الوطني" السبت في الخرطوم الميثاق الخاص بها الذي يطالب بتوسيع قاعدة المشاركة في حكومة الفترة الانتقالية، وتنفيذ بنود الوثيقة الدستورية، وتشكيل حكومة كفاءات.
كما يطالب الميثاق بضرورة استكمال هياكل السلطة الانتقالية، وأبرزها المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي الانتقالي.
وتضم المجموعة الجديدة كيانات حزبية وحركات مسلحة، أبرزها حركة تحرير السودان بزعامة حاكم دارفور مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم وزير المالية الحالي.
وتوجه المجموعة الجديدة اتهامات لقوى الحرية والتغيير المعروفة باسم مجموعة "المجلس المركزي الحاكم" بالسعي للانفراد بالسلطة عبر إقصاء باقي التيارات المدنية في البلاد.
وقال مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور والقيادي في قوى الحرية والتغيير مجموعة الميثاق الوطني للجزيرة، إن "قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي" اختطفت الثورة، وأكد أن ائتلافهم يدعو لتوسيع قادة المشاركة في الحكومة.
معارضة لحل الحكومة
من جانبه، قال المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير -في بيان- إن الأزمة الحالية في البلاد تقف خلفها قيادات عسكرية ومدنية محدودة، تهدف إلى إجهاض الثورة عبر تجويع الشعب وتركيعه وإحداث انفلات أمني، وقفل الموانئ، وإغلاق الطرق، حسب تعبيره.
ورأى المجلس المركزي أن وراء الدعوة لمسيرات السبت عناصر من النظام السابق، وقال إن حل الحكومة قرار تملكه قوى الحرية والتغيير، وبالتشاور مع رئيس الوزراء وقوى الثورة، ولا يتم بقرارات فوقية.
ووصف المجلس خطابَ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بأنه "منحاز للتحول المدني الديمقراطي، وداعم لتفكيك النظام المعزول".
من جانبه، قال القيادي في قوى الحرية والتغيير عادل خلف الله للجزيرة إن المظاهرة التي خرجت في الخرطوم يأتي ضمن مخطط لانقلاب يستند على القوى الميتة، على حد وصفه، وأكد أن المظاهرة كانت تائهة وبلا قيادة مركزية.
وللخروج من الأزمة الراهنة، نصح خلف الله، بأن يدعو رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مجالس وأجهزة الدولة للانعقاد ومناقشة الأزمة استنادا إلى الوثيقة الدستورية.
ترحيب أميركي
في الأثناء، رحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بخريطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك الجمعة لإنهاء الأزمة في البلاد من أجل الحفاظ على الانتقال الديمقراطي في السودان.
وحث بلينكن جميع الأطراف في السودان على اتخاذ خطوات فورية وملموسة للوفاء بالمتطلبات الرئيسة للإعلان الدستوري.
بدورها، قالت السفارة الأميركية في الخرطوم، في تغريدة على حسابها على موقع تويتر السبت، إنها تدعم الانتقال المدني الديمقراطي في السودان بشكل كامل، بما في ذلك تنفيذ المؤسسات الانتقالية، والبدء في التحضير للانتخابات.
وكان حمدوك طرح خريطة طريق تقوم على وقف التصعيد والدعوة للحوار، وقال إن الأزمة الحالية أسوأ وأخطر أزمة تهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وأضاف أن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت الشهر الماضي أججت الخلافات، بدل أن تكون فرصة لتنبيه الجميع إلى المخاطر المحدقة.
وأعلن حمدوك أنه وضع خريطة طريق لحل الأزمة الراهنة بناء على نقاشاته مع الأطراف المعنية، وأشار إلى أن المدخل إلى تنفيذ هذه الخريطة هو وقف التصعيد بين الأطراف، والتأكيد على الحوار.
ورأى رئيس الوزراء السوداني أن الصراع الدائر الآن في البلاد ليس بين المدنيين والعسكريين، بل بين معسكر الانتقال الديمقراطي ومعسكر الانقلاب على الثورة، وفق تعبيره.
حوار شامل
من جانبها، حثت بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان على إجراء حوار شامل بين مكونات المجتمع بشرقي السودان والجهات الحكومية، لإيجاد حل لجميع الأزمات.
وقالت المسؤولة الأممية ستيفاني كوري إن شرقي السودان عانى خلال حقب تاريخية من التهميش وانعدام التنمية.
من جهته، قال رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة في السودان، محمد الأمين تِرك، إنهم مستعدون للقاء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمناقشة الأزمة.
ورفض تِرك احتمال لجوء الدولة إلى استيراد السلع عبر الموانئ المصرية.
ولا يزال المحتجون في شرق السودان يغلقون مرافق حيوية من موانئ وطرق، للمطالبة بإلغاء "مسار الشرق" المضمّن باتفاق السلام، وحل الحكومة المدنية، على أن يتولى حكم البلاد قادة عسكريون.
ومنذ أيام، تصاعد توتر بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية بالسودان، بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية، على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
ويعيش السودان، منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطةَ كلٌّ من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وبدأت هذه الفترة في أعقاب عزل قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان 2019، لعمر البشير من الرئاسة (1989-2019)، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.
المصدر : الجزيرة + وكالات