قائد الطوفان قائد الطوفان

23 سنة مرت على معادلة كسر العظام

غزة- محمد بلّور- الرسالة نت

حين اندلعت انتفاضة الحجارة سنة 1987 كان كل شيء مختلف, المشهد السياسي بلاعب وحيد اسمه (إسرائيل) واللاجئون في الضفة وغزة خاضعون تماما للاحتلال.وشكّل اندلاع انتفاضة الحجارة نقطة تحوّل تاريخية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة ومرحلة جديدة للاحتلال في انفلات العقدة الأولى من سيطرته التامة.

وحاول الاحتلال قمع الشبان والأطفال الغاضبين في مظاهرات شعبية بالقوة والعنف كوسيلة آمنت بها الحركة الصهيونية مفعّلة منطقها المتعالي في النظر للآخرين واعتبارهم "دون" .

رابين وكسر العظام

لازال الناس في غزة والضفة المحتلة يذكرون عربات الإسعاف التي كانت تحمل أطفلا وشبانا مصابين ثم تعود بهم معصوبي الأطراف بالجبائر والضمادات بعد تكسير عظامهم.

بطل ما يعرف بـ"سياسة كسر العظام"هو رئيس الوزراء الصهيوني الر احل اسحاق رابين الذي حاول إخماد انتفاضة الحجارة عبر قمع المتظاهرين وضربهم على أطرافهم وعظامهم لإحداث كسور بالغة .

وأكد المحلل العسكري يوسف شرقاوي أن رابين الذي اعتبر لاحقا شريك الفلسطينيين في "التسوية" هو بطل التطهير العرقي في مجازر سنة 1948 بمدن اللد والرملة ويافا منفذا أوامر بن غوريون .

وأضاف شرقاوي لـ"الرسالة نت": "آمن رابين بالقمع والعنف فقد كانت انتفاضة الحجارة فرصة نادرة ليحقق الشعب جزء من حقوقه لكن إسرائيل كمنظومة استعمارية وأداة صهيونية خشيت منها فالتفت عليها باتفاق أوسلو بعد فشلها في قمعها" .ووصف المجتمع الإسرائيلي بأنه متطرف وأن المجتمع الدولي منحاز تماما مع الاحتلال ولا يحترم إلا القوي.

وأكد الباحث في الشئون الإسرائيلية محمد مصلح أن العقلية الإسرائيلية تخضع للمنطق العسكري في علاقاتها مع المجتمعات الأخرى. وأضاف: "علاقات قادتهم مع الآخرين علاقات استكبارية وذلك يعود لخلفية تاريخية للمجتمع العبري مبنية على لغة القوة " .

وأوضح أن (إسرائيل) منذ تأسست وحتى اندلاع انتفاضة الحجارة غلب على سلوك قادتها لغة القوة والإرهاب على الفلسطينيين لقبول وجود إسرائيل.

فضح السياسة

وأشار شرقاوي إلى أن جنود الاحتلال في مرحلة كسر العظام كانوا يختطفون الشبان الفلسطينيين في الجبال ومناطق بعيدة عن الكاميرات ويضربوهم بالحجارة وأعقاب البنادق حيث افتضح أمرهم في أحد المشاهد الشهيرة المسجلة لاحقا .وحول استخدام القوة في قمع الفلسطينيين أشار شرقاوي أن عدوان غزة نموذج متطور جدا لاستخدام القوة الهائلة حيث حاول الاحتلال إبادة غزة بالكامل ، ودعا القيادة الفلسطينية لاستيعاب ما وقع في عدوان غزة وأن الاحتلال لا يريد شريكا في سلام بل يريد فقط تنفيذ مخططاته بالقوة.

أما المحلل مصلح فقال: "تطبق سياسة كسر العظام الآن مع عرب 48 بشكل آخر وهذه ظاهرة إرهابية خطيرة يقمعون خلالها مواطنون فلسطينيون".

وأضاف لـ"الرسالة نت" إن الاحتلال حاول تكسير عظام الفلسطينيين لردعهم بأوامر ميدانية عسكرية بعيدا عن الرأي العام والصحافة.

وشدد مصلح على أن سياسة كسر العظام فشلت في تحقيق أهدافها بل وولدت حالة من التحدي عند الفلسطيني الذي بدأ يفكر في مقارعة الاحتلال بطرق أخرى.

سياسة العنف

وبدأت انتفاضة الحجارة باحتجاجات مدنية وشعبية لكن العنف والقوة التي قابلت بهما (إسرائيل) المتظاهرين دفع الفلسطينيين لابتكار طرق مقاومة عسكرية. وأكد مصلح أن تطور المقاومة من المفهوم المدني للعسكري حيث بدأت في الظهور بعض التشكيلات العسكرية مثل كتائب القسام .

ورافق ظهور المقاومة العسكرية كما يقول مصلح جاهزية المؤسسة الأمنية العسكرية للتعامل معها بالقوة والعنف .أما المحلل شرقاوي فأكد أن حالة الغطرسة الإسرائيلية لا تزالت مستمرة وأن جرائم القتل الجماعي متواصلة ما يبدد فرصة تحقيق سلام مع الاحتلال .

ورغم فارق الزمن والحالة التي يعيشها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة إلا أن سياسة كسر العظام مثلت حلقة في سلسلة التعامل بمنطق القوة واستخدام العنف الشديد مع الآخرين نموذجا تطوّر مع الزمن بمزيد من العنف.

البث المباشر