غزة- شيماء مرزوق
تتصاعد الخلافات بين أقطاب حكومة الاحتلال الهشة، حيث يشكل الملف الفلسطيني في الآونة الأخيرة محل خلاف في بعض تفاصيله رغم الإجماع على غياب مشروع سياسي وعدم إقامة دولة فلسطينية.
وظهرت خلافات بكل ما يتعلق بتوسيع المشروع الاستيطاني بالضفة الغربية، وإغلاق المؤسسات الفلسطينية الست، والموقف من افتتاح القنصلية الأميركية بالقدس المحتلة.
وهي خلافات تتجدد مع كل موقف له علاقة بالشأن الفلسطيني، حيث أن الائتلاف الحكومي المكون من أحزاب متناقضة ومختلفة فيما بينها من الصعب أن تجتمع على موقف موحد حول الكثير من القضايا.
إلى جانب أزمة أخرى أن الحكومة الحالية لديها ثلاث رؤوس هم رئيس الحكومة نفتالي بينت ووزير الخارجية ورئيس الوزراء بالتناوب يائير لابيد ووزير الجيش بيني غانتس، ما يزيد من التباينات في المواقف والرؤى حولها، ويتطلب حول كل قضية موافقة الثلاثة، وضمان استمرار التوافق بينهم لمنع انهيار الحكومة.
وقد أدى إعلان غانتس عن ست مؤسسات فلسطينية منظمات "إرهابية" إلى خلافات وانتقادات داخل الائتلاف الحكومي.
وقالت الوزيرة عن (ميرتس)، تامار زاندبرغ، إن ثلاثاً على الأقل من هذه التنظيمات هي منظمات حقوقية عريقة ومعروفة ولا يمكن أن تكون مرتبطة بـ "الإرهاب"، مؤكدة أن حزبها سيطالب بتوضيحات حول سبب تصنيفها منظمات إرهابية.
ونقلت (مكان)، عن مصدر آخر في الائتلاف قوله: إن عملية التمهيد لاتخاذ هذا الإجراء كانت ملتوية، وإنه لم يتم الإعداد لها أمام الإدارة الأمريكية كما كان ينبغي.
من جهته، وجه مصدر في حاشية غانتس أصبع الاتهام إلى وزارة الخارجية التي كشفت عن القرار في توقيت غير مناسب دون إطلاع وزارة الجيش على ذلك.
ومن جانبها قالت (القائمة المشتركة)، إن ما يجري هو تغيير إضافي للأسوأ للحكومة برعاية (ميرتس) و(العمل) و(القائمة العربية الموحدة).
كما أن نية حكومة الاحتلال المصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية بالضفة، دون التشاور مع باقي أقطاب الحكومة ومناقشتها بطريقة منظمة داخل ائتلاف الحكومة وعدم اتخاذ قرارات أحادية الجانب من شأنها أن تهدد استقرار الحكومة، خصوصا وأنها تتناقض مع الاتفاقيات الائتلافية المبرمة".
حجم التباينات تجاه موقف واحد مؤشر كافٍ على انعدام الانسجام بين أطراف الحكومة، خاصة أن غانتس نفسه كان سببا في خلاف سابق حينما التقى رئيس السلطة محمود عباس، ما أثار جملة خلافات عاصفة داخل الحكومة، وصلت إلى حدّ أن رئيسها نفسه أبدى عدم تشجعه لهذه الخطوة، على الرغم من أنه وافق عليها بعد إلحاح غانتس عليه.
في المقابل أبدى باقي المكونات الحزبية للحكومة، لا سيّما أييلت شاكيد وزيرة الأمن، وساعر وليبرمان، رفضهم للقاء، وهددوا بأن استمرار التواصل “السياسي” مع السلطة الفلسطينية قد يهدد استقرار الحكومة، رغم أن بعضهم سكت عن اللقاء أو رضي عن نتائجه بعد انعقاده.
وما زال غانتس يسعى لإثبات نفسه ووضع بصمته في الحكومة باعتباره الرجل الثالث فيها، ويسعى لاستعادة شعبيته بين جمهور الناخبين الذين فقد أصواتهم في الانتخابات الأخيرة، بتقديم نفسه قادراً على تطوير العلاقة مع الفلسطينيين، وكسر الجمود السياسي معهم، دون توفر ضمانات بنجاحه في ذلك، مع أن هذه التطلعات لا تخفى على باقي شركائه في الائتلاف الحكومي.
العلاقة مع غزة تسبب للاحتلال كابوسا وتثير خلافات حادة داخل الحكومة، خاصة أنه هذه الحكومة لا تملك استراتيجية واضحة للتعامل مع القطاع والمقاومة فيه، وهو ما دفع لابيد للإعلان عن خطة عنوانها “الاقتصاد مقابل الأمن”، في محاولة منه لإنجاز تهدئة مع حماس التي تشكل تهديداً للاحتلال، بسبب استمرار التوتر الأمني.
وبمجرد أن أعلن عن الخطة وقال إنها حظيت بموافقة رئيسه بينيت وشريكه غانتس، ظهرت ردود الفعل الداخلية في الحكومة الرافضة لها، وقد بدا ذلك غريباً، فطالما أن الخطة حظيت بموافقة رئيسها، على الأقل كما يدعي لابيد، فمن المتوقع ألا يعلن وزراء فيها رفضهم لها، لا سيّما إن كان الرفض علانية، بل وعدّوها تقدم جائزة لحماس.
حجم التباينات مثير للقلق لأن حكومة تتكئ على مقعد واحد قد تسقط أمام أي حدث كبير، ولكن يبدو أن جميع الأطراف ما زالت مهتمة باستمرارها ومنع التوجه إلى انتخابات تحت أي ظرف.