الرسالة نت – رائد أبو جراد
من الفلين الأبيض خفيف الوزن يعلوه العلم التركي أحمر اللون توسط مجسم يجسد سفينة "مرمرة" التركية تتوسط طاولة مربعة الشكل أبدع شاب غزي في صناعتها طيلة أشهر من العمل المتواصل دون كلل أو ملل.
ورغم شح الفلين إلا أن الشاب الثلاثيني عبد اللطيف السدودي أصر على صناعة عدد من المجسمات التي تجسد قطعاً حربية إسرائيلية وزوارق شبيهة بتلك التي شاركت في الهجوم الذي نفذته البحرية الاسرائيلية أواخر أيار (مايو) الماضي على السفينة التركية التي تحمل مساعدات انسانية للقطاع الذي يعاني من حصار جائر.
موهبة ربانية
ويشير الشاب السدودي الذي وقف في معرض للإبداعات الفنية رغم الحصار إلى أن صناعته بمثابة "موهبة ربانية" اكتسبها منذ صغره، وبين معاناته الكبيرة أثناء صناعة مجسمات الفلين نتيجة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي الذي ساعده كثيراً في تثبيت القطع باستعمال "فرد الشمع".
يقول السدودي لـ"الرسالة نت" :"طرقنا جميع الأبواب وجاءت عدة فضائيات محلية وعربية لتنقل صورة ما صنعت من مجسمات".
وأهدى الشاب الغزي الذي عمل بمفرده في صناعة مجسمات "مرمرة ودبابات وطائرات اسرائيلية" مما أبدعته يداه لأرواح شهداء سفينة مرمرة الأتراك لما قدموه وبذلوه دفاعاً عن أشقائهم الفلسطينيين ولمساعدتهم على كسر الحصار.
وإلى جانب قطع الفلين، صنع الشاب السدودي لوحة من مجسم أضاف فيها لمسات فنية رائعة لمشهد جيب عسكري إسرائيلي حوله عدد من الجنود يعتقلون شاب فلسطيني في إحدى مدينة الضفة المحتلة بدا المعتقل خلالها مكبل اليدين معصوم العينين.
وفي مشهد آخر يظهر ما تتعرض له مدينة القدس من عمليات تهويد مستمرة لم تفارق ذاكرة "عبد اللطيف" الذي عمل رساماً منذ صغره، استدعاه لتصميم لوحة أنشأ عليها مبنى مقدسي في حي سلوان يتعرض للهدم من قبل جرافة صهيونية.
حصار وإغلاق
لم تكن إبداعات الشاب السدودي الوحيدة في معرض "تظاهرة ساهم الإبداعية الثانية" الذي تنظمه جمعية الوداد للتأهيل المجتمعي بغزة فكانت المجسمات التي صنعها واحدة بين عشرات القطع الفنية التي أبدعها عدد من الشبان الفلسطينيين رغم مأساة الحصار واغلاق المعابر وقلة المواد.
وداخل أروقة قاعة مركز رشاد الشوار الثقافي بغزة تجول العشرات من الغزيين بين المجسمات والقطع التي أبدعها عدد من أبناء شعبهم ووقف بعضهم لوهلة من الوقت منبهراً بما تراه عيناه من صناعات واختراعات رغم حالة الحصار التي يعيشونها طيلة السنوات الأربعة الماضية.