أصدر مجلس الأمن الدولي بيانا بإجماع أعضائه يعرب فيه عن قلقه العميق بشأن استيلاء الجيش على السلطة في السودان، مع استمرار ضغوط خارجية على القادة العسكريين للتراجع عن إجراءاتهم الأخيرة.
وطالب المجلس الدولي، في بيانه الصادر اليوم الخميس، بإعادة إرساء حكومة انتقالية بقيادة المدنيين على أساس الوثيقة الدستورية، كما دعا للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.
وكانت مصادر دبلوماسية في المجلس قالت للجزيرة قبل ساعات إن بريطانيا وزعت مسودة ثالثة لمشروع بيانها بشأن السودان، يعبر عن قلق المجلس حيال استيلاء الجيش على السلطة، عوضا عن إدانته وفق المسودتين السابقتين.
وجاءت الخطوة البريطانية بعد أن أثارت روسيا اعتراضات على تضمين بيان المجلس أي إدانة لإجراءات الجيش السوداني.
من جهة أخرى، قال فولكر بيرتس المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان إنه التقى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أمس، وعبر له عن قلقه البالغ بشأن المحتجزين منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ودعا للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين.
وطلب بيرتس أيضا التواصل الفوري مع المحتجزين، وحث البرهان على وقف "التصعيد" مشددا على مسؤولية الجيش والأجهزة الأمنية لضمان احترام الحق في الاحتجاج السلمي وحماية المحتجين.
ودعاه كذلك إلى فتح حوار مع رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك وغيره من أصحاب المصلحة، وعرض المشاركة بمساعيه لتسهيل التوصل إلى تسوية سياسية من أجل استعادة الشراكة الانتقالية.
وقد اعتقل الجيش الاثنين الماضي حمدوك وعددا من الوزراء والقادة الحزبيين، وأعلن قائده البرهان حل مجلسي السيادة والوزراء، وتعهد بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
كما أعلن البرهان حالة الطوارئ وإقالة الولاة، وتخلى عن بعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية.
قيود حول حمدوك
من جهته، قال ياسر عباس وزير الري بالحكومة المعزولة -في تصريح للجزيرة اليوم- إن السلطات منعته ووزيرة الخارجية وعددا من الوزراء من مقابلة رئيس الوزراء المعزول.
وكان الجيش قد أطلق سراح حمدوك الذي عاد إلى مقر إقامته في الخرطوم مساء الثلاثاء.
وفي سياق الحراك الشعبي والسياسي الرافض لإجراءات الجيش، قالت خارجية الحكومة المعزولة إن السفراء الرافضين "للانقلاب" هم الممثلون الشرعيون للسودان.
وأضافت -في بيان نشرته وزارة الإعلام بالحكومة المعزولة- أن قرارات قائد الجيش "غير شرعية وليس لها سند دستوري".
جاء ذلك بعدما أعفى البرهان 6 سفراء من مناصبهم، إثر رفضهم قراراته الأخيرة.
وذكر التلفزيون السوداني -أمس- أن القائد العام للجيش أعفى كلا من السفير لدى الولايات المتحدة نور الدين ساتي، والسفير بالاتحاد الأوروبي عبد الرحيم خليل، والسفير بقطر عبد الرحيم صديق، ولدى الصين جعفر كرار، والسفير بفرنسا عمر مانيس، فضلا عن رئيس البعثة بجنيف علي الجندي.
فتح الطرق وتشغيل المطار
في غضون ذلك، بدأت مظاهر الحياة الطبيعية تعود تدريجيا للعاصمة، وسط استمرار حالة من الرفض الداخلي والضغوط الخارجية المكثفة على القادة العسكريين.
وقال مراسل الجزيرة إن حركة الملاحة الجوية استؤنفت اليوم في مطار الخرطوم الدولي، حيث أقلعت طائرتان للمرة الأولى، بعد أن توقفت الاثنين الماضي.
وفتحت قوات مشتركة من الجيش والدعم السريع والشرطة أغلب الجسور والطرقات، في الخرطوم، أمام حركة السيارات والمارة.
وأضاف المراسل أن قوات الجيش فتحت عددا من الجسور الرابطة بين مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، الخرطوم بحري، أم درمان) دون تفتيش. واكتفت بوضع حواجز تراقب حركة المرور، في حين تستمر عمليات فتح الطرق المغلقة مثل شارع أفريقيا المشرف على مطار الخرطوم الدولي، وشوارع وسط العاصمة.
وأشار إلى أن الحركة التجارية بدأت بالعودة تدريجيا إلى منطقة السوق العربي وسط الخرطوم، حيث فتحت بعض المحال التجارية أبوابها.
وذكر المراسل أن بعض الباعة المتجولين بدؤوا بعرض بضاعتهم في منطقة موقف جاكسون، أحد أهم مواقف المواصلات الرئيسية بالسوق العربي، كما عادت حركة السير في شارعي أفريقيا وعبيد ختم، بعد أن كانت أغلقا بواسطة المتظاهرين الرافضين لقرارات قائد الجيش.
المصدر : الجزيرة + وكالات