لم تكن أطماع (إسرائيل) في تهويد والسيطرة على المقبرة اليوسفية بمدينة القدس وليدة اللحظة، وإنما منذ سنوات تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجريف جزء من المقبرة بهدف طمس معالمها التاريخية وإقامة ما يسمى بالـ " الحديقة التوراتية".
وأخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، قبل أيام، مقبرة "اليوسفية" بمدينة القدس الشرقية من الفلسطينيين المتواجدين داخلها، وبحسب شهود عيان، أجبرت عددا من الفلسطينيين المتواجدين داخل المقبرة على إخلائها مع التهديد بتنفيذ اعتقالات لمن يبقى بداخلها.
وفي وقت سابق الخميس، وضعت السلطات الإسرائيلية كاميرات مراقبة بالمقبرة، بعد أن استكملت إغلاق جزء منها، فيما تمنع السلطات الإسرائيلية منذ عدة أيام، المواطنين الفلسطينيين من الدخول إلى الجزء الذي تنوي تحويله إلى حديقة رغم وجود قبور فيه.
والحدائق التوراتية، هي أماكن تزعم "إسرائيل" أن وجودا يهوديا كان في مكانها، في الأزمان القديمة.
ويواصل فلسطينيون منذ 4 أيام احتجاجاتهم على أعمال التجريف الجارية في المقبرة التي يعود تاريخها لمئات السنين، ويؤدون صلاتي المغرب والعشاء على مقربة من المقبرة للتعبير عن احتجاجهم.
وتعتبر مقبرة اليوسفية إحدى أشهر المقابر الإسلامية في المدينة المقدسة، تقع على ربوةٍ مرتفعةٍ تمتد من الزاوية الشمالية لباب الأسباط، ومنها إلى ناحية الشرق بحوالي 35-40 مترًا.
وتلتقي حدودها مع الشارع العام المسمى (طريق أريحا)، والذي ينحدر جنوبًا إلى أن يتقاطع مع الشارع الصاعد إلى باب الأسباط.
وسميت باليوسفية نسبة إلى الاسم الحقيقي لصلاح الدين الأيوبي، (يوسف بن أيوب) بالفترة الايوبية، ولم يطلقوا عليها بالصلاحية لوجود المدرسة الصلاحية التي أُنشئت بتلك الفترة والملاصقة لها ولا يفصل بينهما سوى سور البلدة القديمة وباب الاسباط.
وتحوي قبورًا للعائلات الفلسطينية التي تعيش بمدينة القدس، ويقع شمال المقبرة صرح الشهداء لجنود أردنيين استشهدوا عام 1967.
كما تضم عددًا من المدافن العائلية الكبيرة والبارزة والتي يزيد عمرها عن قرن منٍ الزمان، وهي تعود لعائلاتٍ مقدسية تمتعت بمكانة سياسية واجتماعية واقتصادية ليس فقط في بيت المقدس، وإنما في كامل الديار الفلسطينية، ولعلَّ هذا ما جعل المقبرة غنية بأعداد الشهداء، والأعيان، والصالحين، والمربّين، والقضاة، والأطباء، والشيوخ.
وفي عام 2014، منع الاحتلال الدفن في جزئها الشمالي وأقدم على إزالة 20 قبرًا تعود إلى جنود أردنيين استشهدوا عام 1967 فيما يعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول.
وعلى مدار سنوات، تعرضت وما تزال إلى هجمة إسرائيلية ممنهجة، وعمليات حفر وتجريف، وصلت إلى مداميك أثرية قريبة من عتبة باب الأسباط.
وشملت اعتداءات الاحتلال عليها، هدم سور المقبرة الملاصق لباب الأسباط وإزالة درجها الأثري، وإغلاق الدرج المؤدي إليها، وحفر الشارع الواصل من الباب نحو "سوق الجمعة" على محاذاة السور الشمالي وصولًا إلى برج اللقلق من الخارج، بحجة أعمال الحفر والصيانة.
كما تعرضت في أبريل 2015 إلى عبث ثلاثة فتيات إسرائيليات، حيث قمّنْ برسم نجمة داود الإسرائيلية على إحدى المقابر، وكتبن جملةً بالعبرية معناها بالعربية دفع الثمن. كما هدمت بلدية الاحتلال بعضًا من القبور عام 2014. تعرضت أيضًا لانتهاكاتٍ في عام 2018 بالكتابة على القبور.
وفي 24 تشرين الثاني (ديسمبر) 2020، أصدرت محكمة الاحتلال أمرًا احترازيًا يلزم بلديته بوقف جميع أعمال الهدم والاقتحام لأرض مقبرة اليوسفية وضريح الشهداء في باب الأسباط، إلا أنها اليوم أعادت استكمال تلك الأعمال فيها.