نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للزميل البارز في معهد العربي بواشنطن يوسف مناير، أشار فيه إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يصعد من هجماته ضد المدافعين عن الحقوق الفلسطينية أينما وجدوا.
ورأى مناير، في المقال، أن الخطوة الأخيرة ليست مفاجئة ولكنها تعبر عن المدى الذي تذهب إليه إسرائيل لاستفزاز وإسكات وقمع أي صوت معارض لسياسات التمييز العنصري التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني. ويقول إن قمع منظمات العمل المدني الفلسطينية هي سياسة للحكومة الإسرائيلية وجيشها منذ عام 1948، وزادت مع ترسخ الاحتلال الإسرائيلي، وهذا بفضل تواطؤ وتورط الكثير من الحكومات، ولهذا أصبح المجتمع المدني الدولي هو الملجأ الأخير للمعارضة ضد إسرائيل ومعاملتها الوحشية ضد الفلسطينيين.
وفي بدايات العقد الماضي من القرن الحالي، حاولت منظمة إسرائيلية متطرفة مع مموليها وساستها دعم جهود الحكومة الإسرائيلية قمع واضطهاد المعارضة الفلسطينية، وأصبح العاملون في منظمات العمل المدني تحت هجوم متواصل، ورغم تعرض المنظمات الفلسطينية للهجمات المستمرة، إلا أن الحملات هذه لم تستثن المنظمات الإسرائيلية، حيث تعرضت عدة منظمات حقوقية لهجمات دائمة.
وفي عام 2009، وهو العام الذي وصل فيه بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة للحكم، بدأوا فترة 12 عاما من الحكم، قاموا خلالها بتمرير سلسلة من القوانين التي هدفت لملاحقة منظمات حقوق الإنسان والممولين لها والتدقيق في عملها. وتعرضت جماعات مثل “صندوق إسرائيل الجديد” الذي دعم عددا من منظمات حقوق الإنسان بسخاء لهجمات منظمة.
وبعد فترة قصيرة من وصول اليمين إلى السلطة، وجدت الحكومة طرقا إبداعية لاستفزاز منظمات حقوق الإنسان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ثم تبع ذلك جهود لتدويل الهجمات. وأنشأت الحكومة وزارة خاصة لمتابعة هذه الجهود، وتم تسمية هذه الوزارة باسم “وزارة الشؤون الاستراتيجية”، ودعمت بميزانية ضخمة عام 2015، ولا تزال الكثير من أنشطتها سرية حتى اليوم.
ولكنها تباهت بما قامت بعمله لتعزيز ودعم ما أسمته"الشبكة المؤيدة لإسرائيل"، وهي مجموعة من المنظمات المتحالفة معها، تقوم بالتنسيق وتلقي الدعم المباشر من وزارة القمع هذه. وعملت هذه الشبكة من أجل تمرير تشريعات غير دستورية ضد المقاطعة لإسرائيل، وتقديم دعاوى قضائية استراتيجية ضد المشاركة العامة؛ بهدف استفزاز بل وإنهاء المنظمات التي تحدثت ودافعت عن حقوق الفلسطينيين، بمن فيها المنظمات العاملة بالولايات المتحدة. وتباهى الوزير في حكومة القمع هذه، بأنه شكل شبكة من الموالين الذين ساهموا بتمرير قوانين قمعية في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وكذلك دعاوى قضائية استهدفت منظمات العمل المدني حول العالم، و"حدثت بسبب التزامكم وإيمانكم وجهودكم المستمرة معا، ومع وزارتي وكل المؤسسات المعنية في الحكومة الإسرائيلية".
وبعدما بدأت المعلومات حول وزارة الشؤون الاستراتيجية وجهودها الدولية بالتسرب، تم إغلاقها وضمها لوزارة الشؤون الخارجية، لكن تصنيف ست منظمات عمل مدني فلسطينية، يعني أن الجهود لم تتوقف والأجندة لم تتغير. وستقوم المنظمات المتحالفة مع الحكومة الإسرائيلية باستخدام الإعلان لتصعيد جهودها لتشويه المنظمات الحقوقية الفلسطينية مع حلفائها الدوليين وأنصارها، وإغلاقها بشكل فعلي. وسيتم الهجوم على مصادر تمويلها وحساباتها المالية وحلفائها.
وستمتد الذراع الإسرائيلية من خلال حلفائها في الدول حول العالم. ومن المفترض أن تكون منظمات العمل المستقلة قوة للخير والديمقراطية، وتراقب قوة الدولة وتفتح مجال المعارضة والنقاش والتعليم. لكن إسرائيل تقوم من خلال هذه الجهود بالتأكد من أن انتهاكاتها لن تلاقي معارضة.
وبهذه الجهود، ستعطي إسرائيل الفرصة لعدد من الأنظمة الديكتاتورية لملاحقة المعارضين لانتهاكاتها. وذكر مناير بما وعد به الرئيس جوي بايدن في أثناء الحملة الانتخابية، بجعل حقوق الإنسان مركزا لسياسته الخارجية.
وقالت وزارة الخارجية؛ إن الولايات المتحدة ملتزمة بعالم تحمى فيه حقوق الإنسان ويحتفى فيه بالمدافعين عن حقوق الإنسان، وستتم محاسبة من يرتكب انتهاكات حقوق الإنسان. ولو كانت هذه الكلمات تعني شيئا، فعلى الولايات المتحدة ألا تشجب، ومباشرة، عمليات تشويه منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية فقط، ولكن الالتزام بمعارضة واسعة وأساسية لجهود شبكة القمع الإسرائيلية.
عربي21