في القدس، ومقابل حائط البراق مباشرة وفيما يسمى قناطر خضير، وعلى بعد 200 متر من الحرم يقع حوش أثري مكون من ثلاثة طوابق، كانت تمتلكه فيما سبق عائلة النشاشيبي، فسمي على اسمهم، وبقي هكذا وقفا باسم العائلة.
تحول اسم المكان إلى حوش النارسات في فترة الانتداب البريطاني لأن مجموعة من الممرضات اتخذن منه مقرا لهن، في فترات عجت بالثورات والمواجهات وازداد عدد الإصابات بين المقاومين المقاتلين بسبب الانتداب البريطاني.
الطابق الأرضي من الحوش مهمل ولا يوجد فيه بنى تحتية، أما الطابق الثاني فتسكنه ثلاث عائلات، عائلة سنينة وأخوان من عائلة طبش والكثير من الأطفال، بينما الطابق الثالث من البيت يمتلكه خمسة إخوة، لكنه مهجور لا يسكنه أحد، وقديم لا يصلح للحياة، فبات الحوش مهجورا.
وخوفا من المصادرة قررت لجنة مشروع إعمار البلدة القديمة بالتعاون مع نقابة المهندسين البدء في ترميم مشروع حوش النشاشيبي ضمن خطتها للترميم عام 2021 ولكن التحدي الأكبر أن الحوش يقع بين أزقة قديمة يصعب على الأدوات والسيارات الوصول إليها.
المكان الأثري المبني منذ أيام الدولة العثمانية تعرض لكثير من التصدعات بسبب ما يسمى حفريات جيحون، ويغرق بالمياه بسبب أمطار الشتاء، وتغرقه مياه المجاري التي ترسلها مناهل البيوت الإسرائيلية العالية بالقرب من باب السلسلة.
يتشتت أهالي البيوت التي تصدعت أرضياتها وجدرانها، بسبب الحفريات التي تنخر قلب الأرض أسفل الأقصى والمسؤول عنها شركة الحفريات الإسرائيلية جيحون فتسببت بتصدع حوش النشاشيبي الأثري.
لم يبق من عائلة النشاشيبي سوى أوقافهم، وتستأجره منهم عدد من العائلات المقدسية، ويعيش في داخل الحوش المقسم إلى شقق أكثر من 39 فردا من أربعة عائلات مختلفة.
وتكاتفت العائلة بالتعاون مع نقابة المهندسين الأردنيين ليعيدوا الحياة إلى الحوش الأثري المهدد بالانهيار.
ويتكون البيت من مدخل ضيق يفضي إلى 3 مداخل للأمام واليسار واليمين، ثم إلى طابق ثان مرتفع عن مستوى بقية منازل الحوش، وتجد بعدها ساحة تتوسط عدة غرف، وفوقها عدة طبقات.
وفرض الاحتلال الحجر الإجباري على أهالي القدس في تلك اللحظة اتخذ العاملون على هذا المشروع قرارًا بالاستمرار رغم فرض حظر التجول، فحجروا أنفسهم داخل العقار نفسه، وأصروا على إنجازه في أسرع وقت ممكن لينعم أهله بالعودة إلى منزلهم فتم إنجاز المشروع كاملا خلال 32 يومًا فقط.
وقد تحدث عن الترميم المهندس إياد عثمان وهو أحد المهندسين المشرفين على ترميم المشروع قائلا:" لقد كان نجاح المشروع في وقت قياسي جدا، تحولت فيه البيوت المهجورة في الحوش إلى بيوت جميلة مجددة صالحة للحياة.
ويلفت عثمان إلى أن مشروع الحوش ضخم، وكان هناك صعوبة في نقل المواد والعمال، لضيق الأزقة المؤدية إليه، فكان هناك تحدٍ كبير، وحينما فرض الاحتلال الحجر رابط العمال داخل الحوش. وبعد أن كانت الخطة أن ينتهي المشروع بثلاثة أشهر، انتهى العمل بشهر واحد، وكانت النتائج عظيمة.