في يوم الثلاثاء الماضي، كثر الحديث عن توقيع ما أسموه تسوية مع الاحتلال تنهي ملف الشيخ جراح مع العائلات الخمسة الأكثر تضررا في هذا الملف، حتى خرجت العائلات مع نهاية اليوم نفسه لتنفي خبر التسوية.
ويحاول الاحتلال المراوغة والالتفاف والمراهنة على الوقت. ويرى زياد ابحيص المختص بقضايا القدس أن ما تم من سرية بالغة في بحث تسوية مع أهالي الشيخ جراح خطير جدا لأن المحاميين أخذوا بالتنصل وهذه القضية ليست سرية بل هي وطنية مشتركة يجب أن نأخذها نموذجا وألا نتعامل بسرية في مثل هذه القضايا.
يقول ابحيص: هناك اتفاق بأن يكون حق إدارة القضية ليس مقتصرا على أهل الحي بل بمشاركة القوى الوطنية والإسلامية وبالتالي لا يجب البحث عن وسيلة للخروج إلى تسوية وننسى ما حدث من حرب وشهداء لأجل قضية الشيخ جراح.
لقد كاد الاحتلال يأخذ منا بالخداع ما عجز عن أخذه بالحرب على حد تأكيد ابحيص، لافتا إلى أنه طوال الفترة الماضية حاولت كل القوى حل معضلة موقف أهل الحي بالتواصل المباشر ومن خلال الإعلام.
ويشدد ابحيص أن هذه التجربة تثبت أن قضية الشيخ جراح وكل الأحياء المهددة بالتهجير ليست قضايا ملكية شخصية تنحصر في المحامين والأهالي؛ بل قضايا وطنية وقومية وإسلامية وعالمية يجب أن تتم تحت سقف القوى الوطنية والإسلامية حتى وإن كانت تلك القوى ضعيفة.
ووفق المحامي المقدسي مدحت ديبه وهو أحد المحامين الموكلين من عائلات الشيخ جراح والذي اعتبر في تصريحات صحفية أن مقترح التسوية مع الاحتلال يضمن لهم حقهم في الأرض وهو إلى حد ما مريح للسكان خاصة من صدرت بحقهم قرارات بالإخلاء على حد قوله، وهو ما نفاه مختصون مطلعون على بنود التسوية.
ولكن من جهة أخرى فإن المقلق في القرار حسب ديبة أنه يحسّن من صورة الاحتلال أمام العالم، لأنه- على حد تعبيره- بات محاصرا بالحرج من قضية الشيخ جراح ومناصرة العالم لها ولكن التسوية تتضمن أيضا حق شركة (نحلات شمعون) بإخلاء السكان بموجب البند 131 (7) و(10) في حال انتهاء التسوية بتسجيلها مالكة للعقار أو بانقضاء 15 عامًا من تاريخ توقيع التسوية."
ويوضح ديبة قائلا:" أي إذا تمت التسوية خلال خمس سنوات وتم تسجيل الأرض باسم الشركة، عندها يمكن لها تقديم دعوى تخلية بموجب البند المذكور، وإذا لم تنته إجراءات التسوية خلال 15 عاماً أيضا تستطيع الشركة تقديم دعوى تخلية، بموجب هذه المادة".
وفي مقابلة معه يقول الدكتور عبد الله معروف المختص بدراسات القدس أن خطورة هذا الاتفاق تكمن في أن المحكمة تعرض على السكان الاعتراف بملكية وشراكة منظمة نحلات شمعون الاستيطانية ويطلبون أن يدفع السكان للمنظمة إيجارات عن منازلهم!!
ويضيف معروف: "الاحتلال يريد أن يعترف السكان بأنهم مستأجرون ثم يقول لهم: "اصرخوا في وسائل الإعلام كما شئتم، أنتم من اعترفتم ووقعتم وتدفعون الأجرة".
ولكن السؤال ما هي خيارات أهالي الشيخ جراح بعد رفضهم للعرض المطروح؟
يقول معروف أن الاتفاق كان واضحا عند بعض العائلات والبعض الآخر لم يكن لديه علم والمسؤول كان المحامي الذي تولى ‘قناع البعض وكان يسعى للسرية لأنه يرى القضية بعينه القانونية وليست الوطنية وكان لهذا الأمر أبعاد خطيرة.
وبالنسبة لخيارات الأهالي فإن الخطوة القادمة وفق معروف يجب أن تكون الإصرار على رفض التسوية وإن جاء ذلك متأخرا.
ويضيف: "لكن في نظري الآن القرار الذي اتخذ هو قرار صحيح وأظن أن الخطوة القادمة لا يجوز أن تكون بمعزل عن القوى الوطنية.
لم يعد هناك ما يطلب من أهالي الشيخ جراح على حد قول معروف، لافتا إلى أنهم قاموا بواجبهم ورفضوا التسوية وباتت الكرة الآن في ملعب الفصائل الفلسطينية التي وعدت بأن تقف إلى جانبهم.
وبين أن القوى السياسية يجب أن تقوم بدورها في مساندة الأهالي والالتزام بالخط الأحمر الذي رسمته هي أمام الاحتلال من خلال معركة 28 رمضان، مشيرا إلى ضرورة قيام السلطة بواجباتها بعدما أعلنت بوضوح بأنها ضد مقترح التسوية وتحمي السكان.