حان وقت الهدم لا مجال، فصرخات الأطفال لعدم قبولهم الرحيل عن بيوتهم التي ينوي الاحتلال هدمها لا يسمع صداها سوى المتعاطفين معهم، بينما الجهات الرسمية لا تحرك ساكنا.
في بلدة الطور بالقدس شرعت عائلات مقدسية بتفريغ محتويات منازلها في أعقاب تلقيها قرارا إسرائيليا بهدم بنايتها السكنية في القدس.
وكانت بلدية القدس قد سلمت أصحاب هذه البناية قرارا امهلتهم فيه مدة أسبوع كي يهدموها قسراً وبأنفسهم، وإلا ستهدمها آلياتها مقابل مخالفة مالية طائلة تصل لمئات آلاف الشواقل.
أحد سكان تلك الشقق عائلة الطفل أحمد الذي ظهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي يبكي مستنجدا بمن حوله ويقول:" بدي بيتي سليم، أروح عالمدرسة وأرجع يكون متل ما هو ما بدي اليهود يهدموه (..) ما بدنا حد يساعدنا بالمال بدنا بالدراع".
كما وخيم حزن كبير على عائلة أبو الحلاوة في بلدة الطور إذ يهددهم الاحتلال بجعل بيتهم ركاماً مع نهاية الشهر الحالي.
وبينما كانت المقدسية ميسر أبو الحلاوة تحزم حقائبها قالت:" كل ما أشوف صورة للبيت قلبي بتقطع فما بالك لما ينهد؟!، مضيفة: تخيلوا ينهد تعب عمرنا، بتعز علي كل زاوية في البيت، مش بالسهل امتلكناه انا وزوحي".
وذكرت أنه قبل عام أبلغتهم بلدية الاحتلال أنهم سيحصلون على ترخيص البناء ليتمكنوا من العيش في بيتهم دون منغصات ودفع غرامات مالية.
وروت أبو حلاوة أن هذه الفترة هي الأجمل في عمر أطفالها، فهي لا تتخيل كيف ستحكي لهم ذكرياتهم في مكان مفقود، " مش سهل تعب عمرنا يتهدم".
قاطعتها الحديث صغيرتها ايلياء لتقول:" بحب غرفتي في بيتنا، متعودة أقعد على البرندة (..) مابدي يهدوا بيتنا ولو هدموه مش حطلع منه راح بحط خيمه واعيش فيها مع اهلي".
وتجدر الإشارة إلى أن هناك حوالي 280 فرداً مقدسياً مهددون بالترحيل والتهجير في بلدة الطور، ضمن مخطط مصادرة 45 دونماً من أراضيها؛ وذلك لصالح استكمال تنفيذ ما يسمى بـ “الشارع الأمريكي” الاستيطاني.
أما حكاية البناية المهددة بالهدم، فقد تم بناؤها عام 2011 ومكونة من خمسة طوابق تضم عشر شقق سكنية تعود لعدة عائلات.
ومنذ بناءها يتوجه السكان لمحاكم الاحتلال، لاسيما بعدما فرض عليهم غرامة مالية لكل شقة بقيمة 1250 شيكل شهريا يتم دفعها على أمل اصدار ترخيص بناء لكن دون جدوى.
وخلال الأيام الماضية عقدت جلسة لبحث الالتماس على القرار وتجميده إلا أن السكان تفاجئوا برد الالتماس وبالقرار الصادم بأنه في حال عدم الهدم ذاتيا سيتم فرض غرامة مالية بقيمة 2 مليون شيكل ثمن الهدم.
وأمام حالة الفقر التي يعيشها سكان المدينة حيث 79 ٪ منهم تحت خط الفقر فإن نشطاء مقدسيين طالبوا بمواجهة السياسات الاحتلالية في القدس من خلال تدخل مؤسسات رسمية تمتلك الإمكانيات.
وطالب فخري أبو دياب في منشور عبر صفحته الفيسبوك ونقلته "الرسالة" بتشكيل صندوق مالي يدعم الأهالي، لا يكون مقره مدينة القدس، لأن قوات الاحتلال لن تسمح بذلك، بل يجب أن يكون خارج المدينة المحتلة وتشرف عليه جهة رسمية.
وأوضح أبو دياب أن الصندوق وسيلة لدعم وإسناد وتمكين أهالي المدينة مقابل جهود السياسة الإسرائيلية التي تقوم على تفريغ المدينة وترحيل سكانها للبناء خارج حدودها.
يذكر أن بلدية القدس تفرض مخالفات شهرية على كل عملية بناء غير قانونية من وجهة نظرها، وهو أمر يمتد لسنوات طويلة بحيث يعمل على إرهاق العائلات المقدسية ومن ثم يصدر قرار الهدم.