بعد عامين ونصف تقريبا من المواجهة الأمنية الجريئة بين المقاومة والاحتلال في معركة "حد السيف"، جردّت المقاومة "سيفها" من غمده مجددا، بذات الجرأة في اتخاذ القرار بالرد وتنفيذ الهجوم، بشكل رسمت فيه ملامح البداية وعنوان النهاية!
بقرار الضيف كان الرد على الجريمة الإسرائيلية باختراق ما تعتقده أجهزة الاحتلال الأمنية بـ"خلف خطوط العدو"، جريمة سرعان ما كشفتها كتائب القسام وأبطلتها في خانيونس؛ لتنطلق خلفها معركة أظهرت فيها الكتائب مفاجآت من نوع مختلف.
خبراء عسكريون واستراتيجيون، وصفوا المسار المرتبط بين حد السيف وسيف القدس، "بالمنعطف المهم في تاريخ القضية الفلسطينية، والمتغير المهم في مسار الصراع.
وعدّ الخبراء العمليتين من العمليات القليلة التي شكلت انعطافه مهمة وأساسية في الجهد الاستخباري للمقاومة، والتي تشير إلى تقدم مهم ومتطور في الأداء العسكري والاستخباري لديها.
وفي أحاديث خاصة بـ"الرسالة نت" أكدّ استراتيجيون في الأمن، أنّ العمليات عبرّت عن مؤهلات متقدمة تمتلكها المقاومة.
تأثير استراتيجي!
الخبير الاستراتيجي بالشؤون الأمنية والعسكرية أمين حطيط، أكد أنّ الموجهتان أثبتتا امتلاك المقاومة لمؤهلات متقدمة على صعيد المواجهة التقنية والاستخباراتية من جهة، وتشير إلى قدرتها كمؤسسة على إدارة المعركة في بعديها الهجومي والدفاعي من جهة ثانية.
وقال حطيط لـ"الرسالة نت" من بيروت، إنّ المواجهتان أبرزتا قدرات المقاومة على تنفيذ عمليات حربية نوعية".
وأضاف: "سجلت حد السيف قدرة متميزة في إدارتها للتدابير الاحترازية، مشيرا إلى أن هذه العملية عقدت العدوان من جهة، وأثبت قدرتها على ازعاج العدو بما يخدم فكرة الردع المتبادل.
وأوضح حطيط أن العملية أثرت على مسار السياسة العامة للمواجهة؛ "لأن امتلاك المقاومة للمعلومة في التوقيت والعمق والحجم المناسب يمكنها من وضع الخطط الهجومية والدفاعية ويوفر جهودًا كثيرة على المقاتلين".
وذكر أن العمل الاستخباري يسبق مسرح العمليات ويرافق وقوع العملية إضافة الى استمراره لما بعد تنفيذه.
وأوضح أن العملية أحدثت انقلابًا مهمًا في مسار تعامل المقاومة مع الأخطار، "فسابقا كان يتفلت الاحتلال بعد تنفيذ العمليات، أما بفعل نجاح الجهد الاستخباري فقد نجحت بالايقاع فيه".
معلومات مهمة!
فيما أكدّ المختص والخبير العسكري رامي أبو زبيدة أن ّعملية "حد السيف" مكنت المقاومة من الحصول على معلومات استخبارية مهمة تمكنت من استثمارها في إبراز ضعف العدو وفي تمكين قوتها ، وعرفت خلالها كيف تتحرك في الجهد الاستخباري.
وقال أبو زبيدة لـ"الرسالة نت" إنّ الحرب الاستخبارية بين المقاومة والاحتلال قائمة وغير ظاهرة للناس، "فالتجسس والاختراق وعمل الشبكات هو صراع خفي مستمر، في إطار المواجهة والحرب العملياتية".
وأكدّ أن عنصر قوة المقاومة يكمن في قدرتها على تمكين جبهتها الداخلية واتصالاتها، وقطع الاتصالات عن العدو والتشويش عليه.
وأشار أبو زبيدة إلى أن العملية أثبتت قدرة المقاومة وفعاليتها في حماية المعلومات، "فأي جهد عسكري يحتاج لتوفير وحماية المعلومات والتوجيهات كونها أساس المعركة، فحماية المعلومة والحصول على معلومة لدى العدو تعزز قدرة المقاومة في إدارة المعركة".
وأوضح أن المقاومة سعت لتأمين شبكة اتصالاتها التي بدأت تدشينها على مراحل بإشراف القائد رائد العطار، وأثبتت جدواها في إدارة العمليات بمدينة رفح، لافتا إلى أهمية شبكة الاتصالات في صناعة إنجاز الانتصار للمقاومة اللبنانية عام 2006 وقدرتها على إدارة مسرح عمليات المقاومة طيلة 30 يوما.
وبيّن أن العدو شعر في مرحلة ما أنه لا يستطيع رصد إشارة المقاومة بل ومباغتته في أكثر من موقع، بفضل قدرة المقاومة في التحكم والسيطرة على شبكة اتصالاتها.
براعة متميزة!
وأكدّ اللواء والخبير الأمني الاستراتيجي يوسف الشرقاوي، أن مواجهتا "حد السيف"، وسيف القدس " أظهرتا براعة وقدرة وشجاعة نادرة لدى المقاومة الفلسطينية"، مشيرا إلى أن حد السيف يعدّ الثاني في إطار المواجهة الاستخبارية مع الاحتلال بعد اكتشاف قوة بحرية إسرائيلية في انصاريا بلبنان.
وقال الشرقاوي لـ"الرسالة نت" إن ما يميز هذه العملية أنها الأولى التي توقع بقوات (إسرائيلية) تعمل خلف خطوط العدو في الداخل المحتل، وترتبط مباشرة برئاسة الأركان، مشيرا إلى أن شجاعة المقاومين مكنتهم من التعامل مع القوة النارية المباغتة التي تعرضوا لها".
وأوضح أن هذه القوة كانت تشكل "رأس جسم لعملية كبيرة"، ونجحت المقاومة في بتره وقطعه.
وذكر أن قدرة المقاومة على التحقيق لمدة 40 دقيقة تظهر تنبها واضحًا في البعد الاستخباري، وقد نجحت في توجيه ضربة لقوة عسكرية "نفذت أعمال أسطورية في دول عربية وصولا لشمال أفريقيا".
ولفت الشرقاوي إلى أن العملية كشفت زيف الاحتلال الذي ادعى أن جنوده قتلوا في ارتطامهم بحجر اسمنتي، كما أنها نجحت في الكشف عن يقظة قتالية لدى المقاومين الذين تعاملوا مع الحدث مباشرة فور إطلاق النار عليهم.
وأكدّ أن قدرة المقاومة الاستفادة من مخلفات العدو، شكل مفاجآة للاحتلال، وأثبت قدرة عملياتية لديها في التعامل مع الأحداث الأمنية وفك شيفاراتها، وساعدها كثيرا في إدارة مسرح العمليات خلال "سيف القدس".
ونبه إلى أن استهداف شبكة اتصالات المقاومة تشكل أولوية أمنية للاحتلال.