في عصر ثورة التكنولوجيا والتطور الرقمي، تأثرت أندية كرة القدم بأحد أهم اختراعات البشرية، وهو مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي.
في الوقت الحالي تملك أندية كرة القدم، لاسيما الكبيرة منها، حضورا قويا على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "فيس بوك"، و"تويتر"، و"أنستغرام"، والقائمة تطول.
وفي التقرير التالي نستعرض لكم كيف تستفيد الأندية من مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة..
مناجم الذهب
مع وصول متابعي حسابات الأندية على المنصات المختلفة لعشرات وربما مئات الملايين، فطنت تلك الأندية لإمكانية التربح من هذا الأمر دون بذل الكثير من الجهد.
وتوفر منصات التواصل الاجتماعي، لاسيما "فيس بوك" و"أنستغرام"، فرصة رائعة لحسابات الأندية لتدشين متاجر إلكترونية افتراضية دون أي تكلفة، فيكفي عرض الملابس والمنتجات التي تحمل شعار النادي على قسم محدد داخل الصفحة، ليقوم المشجعون بشرائها.
كذلك فإن عددا محدودا من الأندية، أبرزها ريال مدريد وبرشلونة، يعرض امتيازات خاصة لمشجعيه، مثل إظهار شعار النادي بجوار اسم المشجع، والحصول على محتوى حصري ومميز من لقطات الفيديو والصور، وذلك بمقابل شهري بسيط.
يمكن للأندية أيضا الحصول على أرباح هائلة عن طريق نشر مقاطع الفيديو على منصاتها، وخاصة موقع "يوتيوب" الشهير، حيث أن المعدل المرتفع للغاية لعدد المشتركين والمشاهدين الناتج عن الشعبية الجارفة، سينعكس بطبيعة الحال على الأرباح، وهو الأمر الذي يتم تطبيقه على "فيس بوك" في الآونة الأخيرة.
هناك جانب آخر يصب أموالا في خزائن الأندية عن طريق منصات التواصل الاجتماعي لكن بشكل غير مباشر، وهو عقود الرعاية، وبطبيعة الحال يكون النادي في موقف قوي أثناء تفاوضه مع الرعاة، حين يكون عدد متابعيه أكبر، وتكون العلاقة طردية بين عدد المتابعين وأرباح عقود الرعاية.
بل في بعض الأحيان يكون العدد الكبير للمتابعين هو أول أمر يجذب الرعاة للتعاقد مع الأندية، فمثلا في 2017 أصبحت شركة "Movistar" الإسبانية هي "شريك الاتصال" لريال مدريد، في صفقة استهدفت من خلالها الشركة شعبية النادي الملكي على منصات التواصل، من أجل الوصول لأكبر قدر من الأشخاص، عن طريق التعاون المشترك لإنشاء محتوى، وبالتالي وضع اسم العلامة التجارية على منشورات حسابات النادي في أوقات محددة.
تيك توك
ألقى موقع "أثليتيك" البريطاني الضوء على إمكانية استغلال نادي مانشستر يونايتد منصة "تيك توك" من أجل تمويل صفقاته.
وفي ظل الأزمة المالية التي تعاني منها أندية كرة القدم بسبب تداعيات جائحة كورونا، يخطط مانشستر يونايتد للاستفادة بشكل أعمق من المميزات التي يوفرها امتلاك حساب على منصة "تيك توك" يتابعه الملايين حول العالم، حيث يحصل أصحاب الحسابات على نسبة من أرباح الإعلانات على المنصة.
ويرى ريتشارد أرنولد المدير الإداري لمانشستر يونايتد، أن ناديه "أصبح نادي كرة القدم الأسرع نموا على التطبيق".
منشورات مانشستر يونايتد على "تيك توك" تمزج بين المقاطع الترفيهية، ولقطات من الكواليس يظهر فيها اللاعبون والطاقم الفني وهم يرتدون ملابس تحمل شعار الفريق، وهو الأمر الذي يجلب الربح عن طريق الإعلانات داخل التطبيق (طريقة مباشرة)، وزيادة مبيعات الملابس والقمصان (غير مباشرة).
تقرير "أثليتيك" أشار إلى أنه التربح من فيديوهات "تيك توك" قد يكون أمرا غريبا وغير معتادا لمشجعي كرة القدم، لكن في الوقت نفسه فإن الأندية مطالبة بزيادة مصادر الإيرادات لتعزيز الموارد المالية، خاصة بعد جائحة كورونا التي أغلقت الباب أمام عدة مصادر أبرزها تذاكر المباريات وعائدات البث والرعاية وغيرها.
ثروة من البيانات
أوليفر كايزر خبير العلامات التجارية ورئيس شركة "ledavi" المختصة في هذا الشأن، يقول إن أندية كرة القدم بإمكانها أن تضاعف أرباحها من مواقع التواصل عن طريق جمع المعلومات والبيانات التي تملكها عن المشجعين.
وفقا لكايزر، فإن الأندية الكبيرة تمتلك كميات هائلة من البيانات عن أشخاص في مختلف دول العالم، أغلبها بيانات تفصيلية يدفع المعلنين أرقاما هائلة مقابل الحصول عليها، حيث تتعلق بالسن والاهتمامات وكذلك الحالة المزاجية.
لتوضيح الأمر أكثر، فإن هذه البيانات توضح بدقة الوقت والمكان والأشخاص المناسبين لعرض بعض الإعلانات أو حجبها، وكذلك طبيعة المنتجات والخدمات التي يُعلن عنها.
ورغم أن عملية تسجيل البيانات وبيعها تثير حالة من الجدل مؤخرا، لاعتبارات قانونية وأخلاقية، فإن فيليب موريس، مسؤول الإيرادات في نادي يوفنتوس، أشار إلى أن قطاع عريض من المشجعين لا يمانعون تسجيل بياناتهم لدى النادي في حالة ما إذا طُلب منهم.
البيانات والمعلومات المفيدة لا تقتصر على تلك التي يتم بيعها، بل أيضا تمثل منصات التواصل الاجتماعي وسيلة سهلة لاستطلاع آراء المشجعين، ويمكن للأندية تكوين فكرة عن توجهات الجمهور وموقفهم من بعض الأمور مثل القرارات الإدارية أو التعاقدات وغيرها.
الأندية الأكثر متابعة
ويهيمن برشلونة وريال مدريد، قطبا الكرة الإسبانية، على صدارة الأندية الأكثر جماهيرية على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ويتبادلان المركزين الأول والثاني فيما بينهما كل فترة.
وبحسب تقرير أصدرته منصة "ISPO" لدراسات الاقتصاد الرياضي في أبريل الماضي، فإن برشلونة هو النادي الأكثر متابعة على منصات التواصل بواقع 272.9 مليون متابع، يليه ريال مدريد (27.16).
وشملت الدراسة متابعي حسابات فيس بوك وتويتر (بعدة لغات) و"أنستغرام" و"تيك توك".
وفي المركز الثالث يأتي مانشستر يونايتد الذي يتابعه 143.1 مليون مستخدم، ثم يوفنتوس (107.6)، وباريس سان جيرمان (94)، وتشيلسي (93.1).
ويحتل ليفربول المرتبة السابعة بـ91.9 مليون متابع، يليه بايرن ميونخ (91.4)، ومانشستر سيتي (75.4)، وأرسنال (75.1).