لا تزال تداعيات وتوابع الهزيمة التي مُني بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد فشله الأمني والاستخباري في معركة "حد السيف" متواصلة، بعد أن تمكنت المقاومة فيها من اكتشاف وافشال مخطط وحدة "سييرت متكال" الإسرائيلية التي تسللت شرق خانيونس.
نجحت كتائب القسام في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، في توجيه ضربة قاسمة للمنظومة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية عندما كشفت قوة إسرائيلية خاصة داخل قطاع غزة كانت تسعى إلى زراعة منظومة تجسس للتنصت على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة في قطاع غزة، قبل أن تصبح كنز استخباري واستراتيجي في يد المقاومة.
وتمكنت المقاومة خلال العملية من قتل قائد القوة برتبة عقيد وإصابة عدد آخر بجراح، فيما استشهد القيادي في كتائب القسام نور الدين بركة وستة آخرين.
ورغم مرور 3 أعوام على هذا الفشل الكبير لجيش الاحتلال، إلا أن تداعيات الحدث لا تزال تلاحقه حتى هذا اليوم، فقبل أيام قليلة كشف ضابط كبير في الجيش النقاب، عن استنكاف جزء من جنود الوحدة الخاصة المتسللة التي اكتشفتها "القسام".
وجاء على لسان قائد شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال "تامير هايمان" الذي سينهي مهام منصبه قريباً أن تلك العملية كادت تنتهي بمعضلة كانت ستشغل الكيان لسنوات قادمة.
وحول الصدمة التي تعرض لها جنود القوة الخاصة واستنكاف بعضهم عن العمل بعدها قال: "نتحدث عن عملية بالغة التعقيد، ولم يعد كل من اشترك فيها إلى العمليات لأسباب غير طبيعية، حيث تعرض بعضهم لصدمات شخصية بعدها، خرجت القوة من وضع صعب للغاية ومنعت وقوع كارثة كانت ستشغلنا لسنين قادمة".
وتحدث "هايمان" عن العملية قائلاً "مررنا بـ 3 دقائق صعبة جداً انتهت ببلاغ وصلنا من الشاباك باجتياز عناصر القوة السياج الفاصل".
ولم تكن هذه التداعيات فحسب وبالرجوع إلى العامين الماضيين، فقد جرى إلغاء تعيين المقدم (ع) كقائد وحدة التكنولوجيا التابعة للاستخبارات العسكرية قبل استلامه مهام منصبه رسمياً، وذلك على خلفية العملية الفاشلة، وكجزء من دروس الفشل في حد السيف تقرر تعيين ضابط تكنولوجي على رأس الوحدة، وليس ضابطا مقاتلا كالمقدم (ع)، حيث تعتبر وحدة التكنولوجيا التابعة لقسم الاستخبارات "جوهرة التاج" بالنسبة لجيش الاحتلال.
كما أسقطت العملية الحكومة الإسرائيلية بعد استقالة وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، بعد أيام معدودة من العملية، وبالتالي تم إسقاط حكومة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، والدعوة لانتخابات جديدة جرت في الربع الأول من العام الحالي 2019.
وإلى جانب ما سبق، سيطرت" القسام" على أجهزة تقنية ومعدات تحتوي على أسرار كبيرة (ظن العدو أنها تبخرت باستهدافه لمركبات ومعدات القوة) تمكنت من خلالها معرفة أساليب عمل وحدات النخبة، ونشاطها الاستخباري والتخريبي في فلسطين والعديد من الساحات الأخرى.
تبعات مستمرة
ويؤكد الخبير والمختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة أن تبعات عملية حد السيف على المؤسسة الأمنية الاستخبارية ستتواصل، لا سيما وأن المقاومة أعلنت في حينه أنها حصلت على كنز استخباري ثمين.
ويوضح أبو زبيدة في حديثه لـ "الرسالة" أن ما أحدثته العملية من إخفاق استخباري وميداني كبير، جعل كل شيء لدى الاحتلال في قطاع غزة مثاراً للشك، كون المقاومة بات لديها قدرات استخبارية، وطورت قدراتها بشكل مضاعف بعد هذه العملية.
ويبين أن عملية حد السيف استطاعت التشويش على المعلومة التي يحصل عليها الاحتلال من العنصر البشري الذي يعتبر من أثمن المعلومات لدى أمن الاحتلال، مما يجعل القدرة الاستخبارية للاحتلال معقدة.
ويشير إلى أن المقاومة استخلصت الدروس وتعلمت كثيرا من العملية وأصبح لديها طرق واضحة في كيفية تعامل الاحتلال مع العملاء واستطاعت تطوير قدرات مضادة للاحتلال، لافتا إلى أن ما يتحدث به قائد شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال يدلل على حجم الخيبة التي أحدثتها عملية حد السيف.