في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الفلسطينية سيولة في تصريحات مسؤولي السلطة وعرابيها الأمنيين والاقتصاديين تحديدا عن الأزمة الاقتصادية، تنشغل حكومتها ومكتب الرئيس في الإعلان عن الترقيات والتعيينات، بل والأمر في صرف الجيبات لصالح مسؤوليها وأجهزتها الأمنية.
ما سبق حيّر السياسيين والاقتصاديين إزاء حقيقة ما تعلنه السلطة من ازمة مالية، على قاعدة المثل "اسمع تصريحاتك اصدقك، اشوف افعالك استغرب"!
حسين الشيخ عضو مركزية فتح أحد المقربين من رئيس السلطة، قال إن السلطة تعاني من أزمة مالية وأنها لم تتقاضى قرضا من (إسرائيل)، لتكذبه وزارة مالية الضفة في بيان صدر في ذات اليوم يتحدث عن استلام أموال قبل 3 أشهر!
وتشير شخصيات سياسية عديدة، إلى أنّ سلوك السلطة الميداني، يكذّب ما تذهب اليه قياداتها من الحديث عن الأزمة المالية.
النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة، وصف تصريحات السلطة بالمتناقضة، "اشتيه يقول لدينا أزمة، فيما ترقي حكومته متنفذين في السلطة".
ويرى خريشة في حديثه لـ"الرسالة نت" أنّ 5% من رواتب السلطة لموظفيها فيما 95% من ميزانية الرواتب تذهب لـ5% فقط من موظفي السلطة وهم محصورون في المسؤولين المتنفذين فيها.
يتساءل خريشة: "كيف يمكن أن نوفق ونقارب بين حديث عن أزمة وعجز مالي، فيما تشترى السيارات وتجرى التعيينات؟"
يقر خريشة أن ثمة تخفيض في الدعم المقدم للسلطة، مرجعا ذلك "لغياب الثقة في نزاهة حكم السلطة".
ولفت إلى أن توجه السلطة للإعلان عن اجراء الانتخابات، "لم يحظى على تفاعل شعبي، لأن المجتمع المحلي أيضا فقد الثقة بها".
فشل!
يزيد عضو المجلس الثوري لحركة فتح والقيادي بالتيار الإصلاحي في الحركة ديمتري دلياني، على خريشة تأكيده، بأن هذا العجز الذي تتحدث عنه السلطة هو نتاج فشلها في إدارة العلاقات الخارجية مع الدول".
ويضيف دلياني لـ"الرسالة نت" أن ّالسلطة أيضا فشلت في محاربة الفساد؛ الأمر الذي دفع أطراف دولية لإعلان تقليص دعمها.
وأمام فشل تجنيد الدعم ومكافحة الفساد في آن واحد، شلت الحكومة في تأدية واجباتها .
وتسببت التعيينات والترقيات في تدمير المنظومة الصحية التي دفعت عديد المستشفيات والشركات الخاصة للإعلان عن افلاسها بسبب مديونتها للسلطة التي لم تف بالتزاماتها، بحسب دلياني.
ويرى دلياني أن أزمة السلطة جرى تغطيتها على حساب أولويات المواطن واحتياجاته، ولم يتأثر بها كبار متنفذيها".
تناقض صارخ!
في ذات السياق، يقول الناشط السياسي عمر عساف :" لا يمكن فهم الحديث عن ازمة مالية مع سلوك لا يعالج تداعياتها، رافضا أن تكون معالجة التدعيات على حساب حاجة المواطن.
أما واقع الفساد، فأكدّ أن الفساد لدى السلطة الفلسطينية أصبح حالة مؤسسة وليس عاديا.
وتساءل كيف نتحدث عن أزمات مالية، في وقت يمنح إعفاءات خاصة لأشخاص فقط لأنهم نالوا رضا من الجهات الحكومية.
وأعفت السلطة في وقت سابق، الفنان يعقوب شاهين بقيمة 280 ألف شيقل على جيب لاند روفر، بعدما أنتج أغنية يشيد فيها بجهاز الأمن الوقائي.
وبحسب عساف، فإن هذه الإعفاءات هي من ضرائب وأموال ال شعب ولا يجوز البتة التصرف بها دون قوانين، ذاكرا أن هذه الحالة تعبر عن مأسسة فساد ولا يمكن أن تكون حالة شاذة.