بعد نجاح حكومة الاحتلال، بصعوبة بالغة، في تحقيق إنجازها الأهم بإقرار الميزانية العامة، عقب ثلاث سنوات من بقاء الدولة بدون موازنة، يمكن القول إنها اجتازت أخطر امتحاناتها أمام المعارضة المتوثبة التي تنتظر لحظة مناسبة للانقضاض عليها، وإسقاطها.
لكن المخاطر لم تزل نهائيا، فما زالت هناك جملة عقبات تعرض استقرار الحكومة برئاسة نفتالي بينيت لعدم الاستقرار، وتجعلها في مهب الريح، ليس من قبل المعارضة التي يقودها بنيامين نتنياهو فحسب، وإنما من داخل الحكومة ذاتها، في ظل حالة عدم الانسجام التي تسود بين مختلف مكوناتها الحزبية والأيديولوجية.
ديفنا ليئيل ذكرت في تقرير على القناة 12 أن "الحكومة ما زالت تعيش تحت كابوس مستمر اسمه 61 عضو كنيست فقط، أي 50 + 1 فقط، ما يجعل الخطر المحدق بفترة ولاية بينيت لا يأتي من المقاعد الخلفية للمعارضة، وإنما من داخل الحكومة أيضا، في حال قرر أي عضو كنيست التراجع عن البقاء فيها، وبالتالي فإن غياب أي إصبع في التصويت على إقرار الموازنة يعني انهيار الحكومة، نعم بهذه البساطة، والخطورة، في آن واحد معاً".
وأضافت أن "الحكومة تعاني بصورة دائمة من عدم توفر أغلبية للتحالف الذي تقوده، وكاد أن يفلت منها خلال التصويت على إقرار الميزانية، بعدم توفر 61 عضو كنيست، ما جعل كل واحد من أعضاء الائتلاف يمتاز بالعناد، ويشعر بأنه ملك، صاحب القرار الأهم والأخطر على مستقبل الحكومة، ولذلك فإنه لا يوجد يوم في حياة الحكومة لا يستيقظ فيه أحد أعضائها في الصباح عازمًا على تحقيق إنجاز، ولو كان شخصيا، حتى على حساب الحكومة".
مع العلم أن أعضاء الكنيست والوزراء الإسرائيليين الذين يهددون بكسر الأواني كل صباح لن يذهبوا على طول الطريق، أي إنهم ليست لديهم مصلحة في إنهاء وجودهم كوزراء، لكنهم يمدون الحبل، دون الرغبة بقطعه كلياً، ولدينا أكبر مثال على ذلك وزيرا الداخلية آيليت شاكيد والحرب بيني غانتس، ورغم أنهما لا يشكلان خطرًا ملموسًا على استقرار الحياة الحكومية في الوقت الحالي، فإنهما في الوقت ذاته يعتبران عوامل أساسية لاستقرارها.
صحيح أن شاكيد وغانتس يعلنان دائما أنهما مخلصان للحكومة، لكنهما يضيفان دائمًا علامة النجمة، وأصحاب الامتياز الحصري ببقاء الحكومة أو انهيارها، وفي الممارسة العملية يأملان أن يقوم شخص آخر بالعمل نيابة عنهم في توجيه الانتقادات للحكومة دون أن يكونا في الصدارة.
من ذلك على سبيل المثال ما أعربت عنه شاكيد عن رأيها في وزير الخارجية يائير لابيد حين اتهمها في تسجيلات مسربة، بأنها ما زالت تحلم بالانضمام لحزب الليكود، ولا تنوي التماشي بسرعة لإقرار القانون الخاص بعدم تولي نتنياهو للحكومة حتى لو تمت إدانته بجرائم جنائية، ورغم أن شاكيد تعارض بشدة هذا القانون، فإنها تفهم أنه لن يوقف نتنياهو فحسب، بل إنه قد يوقفها هي أيضًا.
في الوقت ذاته، فإن سلسلة التطورات الأخيرة زادت من انعدام الثقة بين نتنياهو وغانتس، وصولا إلى جميع أعضاء حزب أزرق-أبيض، الذين يرغبون في البقاء في هذه الحكومة، رغم أن معارضة الليكود باتت أكثر أهمية في ضوء استطلاعات الرأي الإيجابية لصالحها، بجانب قناعات متزايدة بين أعضاء الكنيست اليمينيين بأن معسكرهم المكون من 35 مقعدًا في استطلاعات الرأي، لا يجب أن يرضى بمنح السلطة لحزب يمينا برئاسة بينيت الذي لا يزيد ما حصلوا عليه على الخمسة مقاعد.
من جانب آخر، فإن غانتس لا يتردد في اتخاذ خط حكومي منفصل نسبيا عن رئيسه بينيت، بدءا بلقاءاته المنفردة مع أبي مازن، وفي اليوم التالي اتخاذ قرار بتوسيع المستوطنات، وفي يوم ثالث شن هجوم لفظي عنيف على معسكر اليسار، وفي صباح يوم رابع يدعو لتشكيل لجنة تحقيق في شراء الغواصات ضد نتنياهو.
التفسير الإسرائيلي السائد بين أعضاء الحكومة أن غانتس يسعى لتحقيق هدف مفاده أن يصبح بينيت القادم، الذي أصبح رئيس حكومة بخمسة مقاعد، في حين أنه قد يحقق في الجولة الانتخابية القادمة 8- 10 مقاعد، ما يعني أن غانتس آخر من له مصلحة في تولي لابيد منصب رئيس الوزراء ضمن اتفاق التناوب مع بينيت.