في الوقت الذي صمت فيه رئيس المقاطعة محمود عباس وضباطه على الانفلات الأمني في الخليل، اشتاط غضبا بسبب سلاح جنين خلال تشييع جثمان جنازة الشهيد الراحل وصفي قبها.
غضب عبر عنه عباس بقرار بات محسوما، يقضي بإقالة المسؤولين الأمنيين للسلطة بمحافظة جنين بإيعاز من رئيس السلطة.
القرار جاء بعد انتهاء المهلة التي منحها عباس لضباطه، للقبض على المسلحين المشاركين في جنازة الراحل قبها، ولكنهم فشلو في ذلك، تبعا لمصادر "الرسالة نت".
فورا اقيل الضباط وبدأت حركة التنقلات؛ لتصبح أمام عيان الجمهور الذي يدرك أكثر من غيره، أن هذه الحركة مرتبطة بشكل مباشر في ادارة المعركة ضد المقاومة، ولا تمت بصلة لإخفاق الأجهزة الأمنية مثلا في الاجهاز على تفشي الجريمة وإطلاق النار اليومي في الضفة.
وزير الحكم المحلي الأسبق عيسى الجعبري، قال إن عقيدة الأجهزة الأمنية قائمة أساسا على ملاحقة المقاومين والتنسيق الأمني مع الاحتلال.
واستغرب الجعبري في حديثه لـ"الرسالة نت" أنّ يصل الأمر لحد اتخاذ قرار لا يرتبط بحق سلاح الفلتان الأمني.
وأضاف: "السلطة قررت إجراء تنقلات طالت قادة الأجهزة الأمنية في محافظة جنين على خلفية تشييع وزير الأسرى السابق وصفي قبها وعدم قدرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على التعامل مع ظاهرة المسلحين والسلاح المقاوم بجنين".
وتساءل: "أين دور السلطة (نفسها) لتتخذ إجراءاتها بحق سلاح الفلتان الذي يعيث فسادًا في مدينة الخليل؟! أو بحق المقصرين في التعامل مع هذه الظاهرة؟!"
مخيم جنين، قفز لواجهة الأحداث خلال الفترة الأخيرة، على ضوء الحملة الأمنية الإسرائيلية الكبيرة التي استهدفت اعتقال الأسرى الستة الذين تمكنوا الفرار من سجن جلبوع.
وسبقتها حملة أمنية من السلطة شرعت باعتقال مطلوبين كان بينهم المطلوب محمد الجعبري، ما دفع المسلحين لتحذير السلطة من المساس بسلامته.
وبحسب مصادر "الرسالة نت" فإن السلطة اعتقلت منذ بداية شهر الشهر الجاري، قرابة 8 أشخاص من المخيم بينهم أسرى محررين وصحفيين.
وأدانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الاعتقالات المتواصلة التي تقوم بها أجهزة السلطة للمقاومين والأسرى المحررين والنشطاء في الضفة الغربية.
وقال عضو اللجنة المركزية للجبهة محمد الغول الاعتقالات التي تتم من قبل السلطة جريمة مدانة ومرفوضة لدى الكل الوطني الفلسطيني.
وطالب الغول بوقف استهداف الحريات ومنح مساحة واسعة لحرية الرأي والتعبير، كما دعا لتجريم كل من يقوم بالاعتقال السياسي على خليفة مقاومة الاحتلال والانتقاد السياسي.
**سباق تسلح!
في المقابل لا تحظى ظواهر الفلتان الأمني في الضفة الغربية بأي مواجهة من الأجهزة الأمنية التي تبقى متفرجة في أغلب الحالات ما يحدث في الخليل حاليا.
وحول الأحداث التي تشهدها الضفة المحتلة من صراع وفلتان أمني، لم يخف خليل عساف مسؤول تجمع الشخصيات المستقلة ونائب رئيس لجنة الحريات، أنّ سباق التسلح الذي يتحدث عنه كل مواطن في الضفة وفر بيئة خصبة لانتشار الفلتان.
ورأى عساف أنّ 90% من المنفلتين في الضفة المحتلة، "إما تابعون لفصائل ومعروف من الفصيل الذي ينتمون إليه ليحميهم، أو ينتمون لأجهزة أمنية وهنا المصيبة والكارثة الأكبر".
وذكر عساف أن الأجهزة الأمنية والجهات الفصائلية وفرت غطاء لبعض المنفلتين، "فعندما يسمعون بوجود قطعة لدى حماس أو الجهاد أو الشعبية يعتقلون صاحبها فورا، ولا نرى ذلك مع الآخرين".
كما اعتبر حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، أحداث الفلتان الأمني، جزءا "من أحداث التصفية والصراعات الداخلية بين بعض الاطراف، ومحاولة لتعزيز مواقع نفوذ أشخاص ضد آخرين".
وأكدّ خريشة في تصريح خاص بـ"الرسالة نت"، وجود "أصابع خفية" " من الاحتلال وبعض المتنفذين بالسلطة لإذكاء حالة الفلتان القائمة"، مشددًا على عدم وجود جدية لدى السلطة بوقف التدهور الأمني بالضفة.
وقال إن السلطة غير جادة وليس لديها رغبة بإنهاء هذه المأساة رغم وجود مقدرة فعلية لديها "ولو كان هناك سلاح لمقاوم واحد فقط لذهبت إليه كل الأجهزة الأمنية لمصادرته واعتقال صاحبه".