لم يتمالك المقدسي إياد برقان، من رأس العامود في القدس المحتلة، نفسه عندما رأى منزله يهدم أمامه ليضيع جهده وتعبه في لحظات، وقد أفنى من عمره سنوات ليرى بيتا يؤويه ويؤوي أطفاله.
حيث أجبرت سلطات الاحتلال المقدسي برقان على هدم منزله تحت تهديد الغرامات الباهظة.
حصاد 20 عاما
وبكلمات مؤثرة قال المقدسي إياد برقان:” تعب 20 سنة ضاع في لحظات، عبر سنوات قدمت لترخيص المبنى، إلا أن الاحتلال أصرّ على هدمه بزعم عدم الترخيص، وهو أصلا يرفض أي ذلك لأي بناء مقدسي.”
وأشار برقان إلى أن الاحتلال بإصراره على الهدم وعدم الترخيص يهدف إلى تهجير المقدسيين من مدينتهم بأي صورة كانت، وبكل السبل وبكل ما أوتي من قوة.
وأضاف أن لديه ستة أطفال أحدهم مريض مرضا مزمنا، ويعاني من أحوال مادية صعبة، وعبر 20 سنة من التقشف من أجل بناء بيت آمن للأسرة، وفي النهاية هدم دون رحمة، وقد وضع كل أمواله في هذا المنزل.
دون أية مهلة
وبالدموع وكلمات محتشرجة، روى شقيقه زيد برقان معاناة عائلته عقب إجبارهم على هدم منزلهم في راس العامود، موضحا أن الاحتلال لم يمهلهم سوى 24 ساعة لهدم المنزل أو يهدمه الاحتلال ويدفعهم غرامات مالية باهظة تفوق قدراتهم.
وقال زيد بكلمات رواها الدمع: “الوضع مأساوي، حرمنا حالنا وحرمنا ولادنا من سنوات من كثير أشياء، حتى نستطيع نبني هذا البيت، وبلمح البصر انهدم قدام عيوننا قبل ما نسكنه”.
ولم يستطع زيد أن يكمل حديثه، فقد انهار بالبكاء، والخوف على والديه عند معرفتهم بخبر الهدم أن يحدث لهم شيء.
وقال زيد “الله بعوّضنا.. بالمال ولا بالعيال.. احنا مش خايفين عالدار احنا خايفين عالحج والحجة اللي مش عارفين شو اللي بصير”.
حسرات أم
وبعد لحظات، وصل الخبر لوالدة زيد وإياد، ووصلت إلى مكان المنزل الذي كان سيؤي اثنين من أبناءهما وأحفادها، وسط حزن لا يوصف عقب إجبارهم على هدم منزلهم تحت التهديد.
وقالت المقدسية ابتسام برقان “ابني بهدها بدم قلبه وبيده، بعد أن أجبره الاحتلال على هدمها وتهديده في حال لم ينفذ عملية الهدم، ومين بهدم منزله بإيده؟!”.
وأضافت برقان: حسبنا الله ونعم الوكيل، حسبنا الله في هذا الاحتلال، شرّد 10 أطفال بينهم طفل مريض، وربنا يعوضهم بأحسن منها”.
سلوان تحت الاستهداف
وارتفعت وتيرة اقتحامات الاحتلال لأحياء سلوان في الآونة الأخيرة، واندلع على إثرها مواجهات متفرقة نتج عنها عمليات تخريب واسعة واعتقالات في الحي والبلدة.
ويتهدد 6 أحياء في سلوان خطر هدم منازلهم بالكامل، بدعوى البناء دون ترخيص، أو بإخلائها وطرد سكانها لصالح الجمعيات الاستيطانية.
وعبر سنوات خلت سلمت طواقم بلدية الاحتلال 6817 أمر هدم قضائي وإداري لمنازل في أحياء البلدة، بالإضافة إلى أوامر إخلاء لـ53 بناية سكنية في حي بطن الهوى لصالح المستوطنين.
يشار إلى أن مساحة أراضي بلدة سلوان تبلغ 5640 دونما، وتضم 12 حيًّا يقطنها نحو 58.500 مقدسيّ، وتوجد في البلدة 78 بؤرة استيطانية يعيش فيها 2800 مستوطن.
ولكي يضيق الاحتلال الخناق على الفلسطينيين ويمنع البناء غير المرخّص، دخل في الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2017، التعديل 116 لقانون التخطيط والبناء حيّز التنفيذ، وهو المعروف باسم قانون “كامينتس”، أحد القوانين العنصريّة الكثيرة ضد الفلسطينيين.
ويشكّل هذا التعديل خطرًا كبيرًا على الوجود الفلسطينيّ وأراضيهم، ذلك أنّه يزيد من شدّة العقوبات وصرامتها، وسرعة تنفيذها من خلال أوامر وغرامات إداريّة، وذاك دون تقديم للمحاكمة.
ومن العواقب الوخيمة لهذا القانون، دفع مبالغ باهظة الثمن قد تصل مئات آلاف أو ملايين الشواكل، وإيقاف استخدام المبنى أو إغلاقه، ومطالبة القاطنين بإخلاء بيوتهم أو محالهم، أو إصدار أمر هدم.
وتعتبر بلدة سلوان الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك ومحرابه، حيث يحاول الاحتلال اقتلاع السكان منها من خلال مصادرة البيوت أو هدمها والاستيلاء على الأراضي واستهداف مقابرها، حيث يحاول اليوم تخريب مقبرة باب الرحمة وتجرفيها.