نجحت (إسرائيل) في التحكم بمفاصل الأموال التي تدخل للخزينة الفلسطينية، وصولا إلى استخدامها لابتزاز الفلسطينيين وتحقيق مكاسب سياسية.
وتستخدم سلطات الاحتلال أموال المقاصة "ضمن سياسة العصا والجزرة" للتحكم في تحركات السلطة، وعرقلة وخطواتها التي تغضب إسرائيل.
ووفق بروتوكول باريس الاقتصادي، تجبي (إسرائيل) الضرائب للبضائع الواردة للأراضي الفلسطينية، وتسلمها نهاية كل شهر للسلطة بعد اقتطاع 3% "كعمولة ورواتب".
وبلغت قيمة الـ 3% التي اقتطعتها (إسرائيل) خلال العام الماضي، قرابة 241 مليون شيكل، وهو مبلغ سنوي، يحرم منه الفلسطينيين بسبب الإجحاف في الاتفاقية الاقتصادية التي وقعتها السلطة عام 1994.
اقتطاعات مستمرة
بدوره، قال المختص في الشأن الاقتصادي الدكتور نائل موسى إن أموال المقاصة تشكل أكثر من 60% من إجمالي موازنة السلطة، "ودونها لن تستطيع السلطة الوفاء بأدنى التزاماتها المالية".
وأكد موسى في حديث لـ "الرسالة نت" أن "سلطات الاحتلال استطاعت منذ نشأة السلطة التحكم برقبة الاقتصاد الفلسطيني واستخدامها كورقة ابتزاز ضد السلطة".
وأشار إلى أن "من يملك المال يملك القرار، وبالتالي إسرائيل تتحكم في القرارات عبر التحكم بالأموال الفلسطينية".
وشدّد على ضرورة إيجاد بدائل لجمع (إسرائيل) لأموال المقاصة، وأن يجبيها الفلسطينيين مباشرة من بضائعهم، "وهو ما يعني فعليا التخلص تدريجيا من بروتوكول باريس الاقتصادي".
ولفت إلى أن السلطة تمر بأزمة مالية مركبة ما بين اقتطاعات (إسرائيل) من أموال المقاصة وقلة الإيرادات خلال العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا، وتوقف المنح والمساعدات عن خزينة السلطة.
وختم موسى حديثه: "ما نخشاه رضوخ السلطة لابتزازات الاحتلال، ولعل الاقتطاع من أموال المقاصة يهدف إلى حصول إسرائيل على مكاسب سياسية".
وتعزو (إسرائيل) اقتطاع مبالغ من أموال المقاصة تحت مسمى "صافي الإقراض" وتمثل مخصصات الأسرى المحررين وديون حكومية في قطاعي الصحة والكهرباء والصرف الصحي، للجانب (الإسرائيلي).
وتتكون إيرادات المقاصة من الجمارك، وضريبة القيمة المضافة، وضريبة الشراء، وضريبة المحروقات، وضريبة الدخل، وأي ضرائب ورسوم تترتب على التبادل التجاري بين السلطة و(إسرائيل).
ورغم اتفاق الاحتلال مع السلطة أن خصم صافي الإقراض يتم بالتوافق بين اللجنة الفلسطينية و(الإسرائيلية) التي تنظر نهاية كل شهر بأموال المقاصة، إلا أن سلطات الاحتلال تخصم المبالغ التي ترتئيها مناسبة دون المشاورة مع الجانب الفلسطيني.
وشهريا تقتطع إسرائيل 32 مليون دولار من أموال المقاصة، من اجمالي المبلغ الذي يفوق 200 مليون دولار.
وبجانب الاقتطاعات من أموال الشهداء والأسرى، قال الخبير في الشأن الاقتصادي نصر عبد الكريم، إن هناك أموالا أخرى لا تحولها (إسرائيل) للسلطة منذ سنوات طويلة؛ كضريبة سفر الفلسطينيين عبر الحدود الأردنية، التي تزيد عن 150 شيكلا لكل مسافر، وللسلطة حصة منها.
إلى جانب ذلك، تقتطع (إسرائيل) نسبة من أموال الفلسطينيين الذين يعملون في ورشات ومصانع إسرائيلية شهريا، ويقدر عددهم بـ100 ألف عامل مسجلين رسميا، إضافة إلى إخفائها بيانات جمركية يجب أن تدفع لصالح الفلسطينيين.
وأضاف عبد الكريم: "إسرائيل تجبي الضرائب من المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو، ولا تحولها للسلطة الفلسطينية كذلك".
ويضاف هذا إلى خسارات الفلسطينيين الاقتصادية نتيجة استمرار الاحتلال، التي قدرها البنك الدولي عام 2013 بحوالي 3.5 مليارات دولار سنويا، بسبب السيطرة على المناطق "ج" والبحر الميت والمناطق الزراعية.