امتدادا للعداء التاريخي الذي تمارسه الدولة البريطانية بحق الشعب الفلسطيني، يأتي قرار وزيرة داخليتها الأخير بتصنيف حركة حماس وكافة أذرعها على قوائم الإرهاب الدولي، خطوة أخرى في الانحياز الكامل للاحتلال الإسرائيلي.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل أعلنت أمس، عزمها تقديم تعديل قانون للبرلمان البريطاني الأسبوع المقبل يعتبر حركة حماس "تنظيما إرهابيا"، ويهدّد كل من يناصر الحركة بعقوبة السجن التي قد تصل إلى عشر سنوات.
ولا يمكن الفصل بين هذا القرار وما سبقه من قرارات جائرة اتخذتها بريطانيا بحق الشعب الفلسطيني والذي تمثل أبرزها في وعد بلفور وهو الإعلان الشهير الصادر عن الحكومة البريطانية ابان الحرب العالمية الأولى وجرى بموجبه منح وطن قومي لليهود على أرض فلسطين التي كانت تحتلها آنذاك بريطانيا.
ومن المهم القول إن هذا القرار يأتي في ظل عدم وجود أي نشاط أو مكاتب أو تواجد لحركة حماس في بريطانيا، مما يعني أنه سيستهدف الفلسطينيبن أو غيرهم ممن يدعمون القضية الفلسطينية؛ بحجة هذا القرار.
والأكثر أهمية في قراءة دلالات توقيت هذا القرار أنه يأتي بعد تعاظم الدعم والتأييد من الرأي العام والشارع البريطاني والتعاطف مع القضية الفلسطينية، خاصة خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو الماضي، وهي محاولة لوأد أي تعاطف شعبي أو دولي لدعم فلسطين بحجة أنه دعم "لحماس".
وليس إلى هذا الحد فحسب، بل إن الحكومة البريطانية كانت ملكية أكثر من الملك في تغليظها للعقوبة التي ستقررها لمن له أي صلة أو يدعم حركة حماس لمدة 10 سنوات سجن، وهو ما لم تفعله "إسرائيل" نفسها، مما يدلل على حجم العداء للشعب الفلسطيني.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن هذا القرار الجديد-القديم في ظل عدم تواجد حماس أساسا في بريطانيا هو موجه بالدرجة الأولى للجالية الفلسطينية هناك ولكل أنصار حركة المقاطعة العالمية الموجودة هناك والتي يحاول الاحتلال ربطها بحماس وطعن كل الحراك المؤيد للشعب الفلسطيني.
ويضيف الدجني في حديثه لـ"الرسالة نت" أن القرار يأتي في ظل وجود حراك مناصر للقضية ويطالب بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور، إلى جانب الخلفية السياسية والأيديلوجية لصاحبة القرار وهي وزيرة الداخلية البريطانية التي تنتمي لحزب المحافظين الذي يوالي الاحتلال الإسرائيلي.
ويبين أن هذا التوجه البريطاني رسالة واضحة تحمل طمأنة للجالية اليهودية في انحياز كامل وازدواجية في التعامل مع القضية الفلسطينية ودعم للاحتلال دون أي مواربة.
وشدد الدجني على ضرورة تحرك حركة حماس بكل ما تعنيه الكلمة مع المكونات البريطانية الأخرى، قبل إقرار القانون وإدانته من كافة المجتمع البريطاني لأنه سينعكس سلبا على واحة الحريات البريطانية نفسها.
فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة أن القرار يشكل سابقة خطيرة، مبينا أن ما سيتبعه من إجراءات لاحقا في حال تطبيقه سيشكل خطورة على الفلسطينيين والجاليات العربية والإسلامية المتعاطفة مع القضية الفلسطينية.
ويقول عفيفة في مقابلة متلفزة إن الأخطر في هذا القرار أنه لم يتم تقديم تفسير رؤية واضحة لأبعاده، بمعنى أنه قد يطال كل ما له علاقة بدعم الشعب الفلسطيني في بريطانيا وتوجيه تهم لأي دعم بزعم أنه سيتحول لحماس.
ويبين أن الاستهداف لمكون أساسي من الشعب الفلسطيني وهي حركة حماس في ظل حضورها في المشهد السياسي الفلسطيني وعلاقتها الخارجية والدولية، يعطي دلالة على أنه بقدر ما تحاول بريطانيا عزل حماس ومحاصرتها أيضا هي تعزل نفسها إذا ما أرادت أن تكون مهتمة بالقضية الفلسطينية في ظل حالة الازدواجية التي تمارسها.