تنجر دولة المغرب العربي إلى التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي؛ طمعا في الحصول على بعض الوسائل التكنولوجية والأدوات العسكرية، بعد أن نجح وزير حرب الاحتلال بيني غانتس خلال زيارته قبل أيام للرباط إلى جر الأخيرة لتوقيع اتفاقات عسكرية وأمنية.
وكانت (إسرائيل) والمغرب قد أعلنتا نهاية العام الماضي عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد توقفها منذ عام 2002؛ ومنذ ذلك الحين، افتتح الاحتلال سفارة بالمغرب خلال زيارة قام بها وزير الخارجية يائير لابيد إلى الرباط، في أغسطس/ آب الماضي، كما أُعيد افتتاح مكتب الاتصال المغربي في "تل أبيب" وتدشين خط طيران مباشر بين البلدين.
وأثار هذا التطبيع انتقادات واسعة في المغرب وخرج آلاف المواطنين منددين بزيارة وزير الحرب الإسرائيلي غانتس لبلادهم ورفض انجرار الحكومة المغربية وراء التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
لكن اللافت أن غانتس نجح في خداع حكومة المغرب واقناعهم بأن العدو المشترك لهم هي دولة إيران وبعض الدول العربية مما دفعهم للاتفاق على إقامة قاعدة عملياتية قتالية لمواجهة ما أطلقا عليه "التهديدات الأمنية المشتركة"!
وعلى ضوء ما سبق، فقد أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشدة، توقيع المغرب عدداً من الاتفاقيات، ولاسيما العسكرية والأمنية، مع الاحتلال الإسرائيلي، "الأمر الذي لا يمكن تبريره تحت أي أهداف أو ذرائع.
وقالت الحركة في بيان لها إن "المصالح الاستراتيجية لأمتنا العربية، والمغرب جزء منها، لا يمكن أن تتحقق بالتحالف مع عدو الأمة وعدو شعبنا الفلسطيني، والذي يرتكب الجرائم والانتهاكات اليومية بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا وبحق شعوب المنطقة".
وأشارت إلى أن مكانة المغرب التاريخية ودور شعبه المعهود تجاه فلسطين والقدس لا يمكن أن يستقيما مطلقاً مع التطبيع والتحالف مع العدو الصهيوني، والمساهمة في دمجه في المنطقة".
وأكدت أن "هذه الانتكاسة نحو العدو، وعقد الاتفاقيتين الأمنية والعسكرية وغيرهما معه، لن يؤديا سوى إلى استباحة السيادة العربية المغربية، وإلى مزيد من سفك دماء الشعب العربي الفلسطيني، وارتكاب الجرائم والانتهاكات بحق أرضه ومقدساته، والتنكّر لحقوقه في الحرية والعودة والاستقلال".
غير مبرر
ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن التطبيع لا يتوقف على الناحية العسكرية والأمنية لكن له أيضا بعدا اقتصاديا وسياحيا وفي جانب الطيران، بمعنى أنه تطبيع واسع عمليا.
ويوضح عوكل في حديثه لـ"الرسالة نت" أن المغرب لعب دور في موضوع كامب ديفيد وبالتالي العلاقات المغربية مع الولايات المحتدة قوية والمشكلة بالنسبة للمغرب هي مشكلة الصحراء الغربية والجرائر.
ويبين أن قضية الجرائر والخلاف بين الطرفين، دفع "إسرائيل" وأمريكا لإغراء المغرب بالتطبيع من خلال الاعتراف بسيادتها على الصحراء، لكن في نهاية المطاف لا يوجد ما يبرر ذهاب المغرب للتطبيع.
ويشير عوكل إلى أن المغرب لا تواجه في الوقت الحالي أي تهديدا لها وحتى موضوع الصراع على الصحراء يشوبه هدوء نسبي منذ فترة طويلة.
صفقة عسكرية
ويؤكد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. عدنان أبو عامر أن هذه الاتفاقيات تخللها الإعلان عن صفقة لشراء مسيّرات وأسلحة، والتخطيط لمناورات عسكرية مشتركة، والاتفاق على إقامة قاعدة عملياتية قتالية لمواجهة ما أطلقا عليه "التهديدات الأمنية المشتركة".
ويتساءل أبو عامر في مقال له قائلا: "لا أدري ما هذه التهديدات التي تجمع كيانا محتلا محتالا غاصبا مع دولة عربية شقيقة، إلا إذا كان ذلك جزء من مخطط إسرائيلي خطير لدق إسفين في العلاقات المغربية الجزائرية، وهو ما اتضح من ارتفاع لهجة الرفض الجزائري الرسمي، وصولا للرئيس ذاته بإدانة الزيارة، واعتبارها تستهدف تراب بلاده الوطني، وسيادتها الجغرافية".
ويبين أن زيارة غانتس للمغرب ترتبط بالبدايات الأولى لتطبيعهما نهاية 2020، حين تم ربطه باعتراف أمريكي إسرائيلي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهي "رشوة" رخيصة تم تسويقها مقابل الانضمام لجوقة التطبيع الجارية، لكنها "فرحة ما تمت"، حين استدرك بايدن وأوقف أي خطوة من شأنها تنفيذ التعهد الأمريكي للمغرب على أرض الواقع!
ويختم بالقول إنه وفي ظل الترحيب الإسرائيلي الهائل للتطبيع "الأمني والعسكري" مع المغرب، ينبغي النظر بعين الخطورة لما قد تسفر عنه اتفاقياتهما الموقعة، وتتركز في جوانب تسلحية وقتالية واستخبارية، لما لها من آثار خطيرة على صعيد علاقات المغرب مع دول الجوار، والدور الإسرائيلي المرتقب لإشعال نزاع معها، لا يتمناه أحد من أهل المنطقة، باستثناء الغرباء عنها!