قبضتين مُصفدتين تخرج منهما حمامةٌ مُحلّقة ملونة بألوان علم فِلسطين؛ لتبدو كأنها تكسر قيدٍ كان قد كبّلها، خُطّ على جانبها عبارة "إن القيد زائل"، في رسالةٍ مفادها القيد مهما اشتد واستحكمت حلقاته لا بُد له أن يُكسر، هذه تفاصيل لوحة فنية صنعها الغزي "أحمد النجار" (21) عاما من قصاصات الورق.
بين قصاصاتٍ من الورق المختلفة شكلاً ولوناً وابرة خاصة على شكلٍ حلزوني يجلس النجار على مكتبه؛ ليرتب أفكاره في زحمة من الأغراض المتناثرة حوله، ليصنع لوحات تجسد قضايا الأسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي وكل ما يجول بخاطره من أفكار.
يقول النجار "للرسالة" عن موهبته:" اكتشفت موهبتي عندما كنت أشاهد التلفاز بعمر العشر سنوات شخصًا يطوي ورقة بسيطة ليحولها إلى ضفدع قافز، أثار ذلك اعجابي فعلمت أنه فن يطلق عليه الأوريغامي، قررت بعدها البحث عنه بتعمق والعمل على إتقانه".
ويعتبر الأوريغامي هو الفن الياباني التقليدي لطي الورق، بدأ في القرن السابع عشر الميلادي وبدأ يتوسع إلى بقية أنحاء العالم في القرن التاسع عشر، ومنذ ذلك الوقت تحول إلى شكل من أشكال الفن الحديث.
وتوجه النجار لفن الأوريغامي لتوافقه مع شخصيته فهو يتتطلب الصبر والثبات والإبداع، لتنجز اللوحات بدقة متناهية.
خلال رحلته مع الاوريغامي تعرف على العديد من الفنون كالكويلنج والأوريغامي ثلاثي الأبعاد، ليجد أن فن الأوريغامي يتميز بأنه رسم بشرائط الورق وتشكيله أسهل من غيره، الأمر الذي جعل له النصيب الأكبر من ناحية القبول والانتشار في مجتمعنا.
وواجه النجار صعوبات كان أبرزها عدم توفر المحتوى العربي التعليمي لهذا لفن، فكان يتجه للقنوات التعليمية الأجنبية على منصة اليوتيوب، ليتمكن من خلالها التحدي على أبرز الصعوبات التي واجهته.
ووظف الأدوات البسيطة المتوفرة في القطاع، لإنتاج العديد من الأعمال الفنية، نظراً لانقطاع بعد الأدوات نتيجة الحصار الذي يفرضه الاحتلال.
عمل على صنع لوحات توضح معاناة الأسرى في سجون الاحتلال وتفضيلهم الموت بكرامة على حياة الذل خلف القضبان بالاضراب عن الطعام لانتزاع حقوقهم، فكانت لوحة طائر الحرية الذي يختار الموت على الحياة في القفص شكلتها بما يزيد عن 1000 قصاصة ورقية بفن الكويلنج.
وكان أول أعماله في فن لف الورق هدايا بسيطة يقدمونها الأصدقاء والأهل لبعضهم ، لتلاقي إعجاب كل من يشاهدها ما دفعه للعمل على إنشاء مشروع خاص به.
" Origami Tune" هو اسم لمتجر أطلقه النجار للمضي قدماً في طريقه بفن الأوريغامي وليستثمره كمصدر دخل خاص به في ظل الوضع الإقتصادي الذي يشهده القطاع.
وساعدت وسائل التواصل الإجتماعي النجار على الإنتشار من خلالها وعرضه للوحات التي يتقنها بأسلوبه الخاص.
ويهدف النجار إلى نشر هذه الفنون من خلال توفير المحتوى التعليمي ونشر الفيديوهات التعليمية على قناة على موقع اليوتيوب؛ لتسهيل تعلمها للمبتدئين، وأن يتميز بإنتاج المزيد من الأعمال التي تعبر عن شعبنا وقضاياه.
ويسعى إلى إيصال رسائل الشعب الفلسطيني عامةً وقضايا الأسرى خاصةً إلى العالم؛ ليثبت أنهم شعبٌ يستحق الحياة.