وجد في غابة أمستردام على مشارف العاصمة الهولندية "مركز للأشجار" به مئات الشتلات المصنفة حسب النوع، من بينها البندق والكرز الحلو والقيقب والزان والكستناء.
وفكرة هذا المشروع بسيطة وهي أنه يمكن إعادة زرع شتلات الأشجار غير المرغوب فيها، التي تُزال يوميًا، عوضًا عن التخلص منها.
وفي مقال -نشرته صحيفة "غارديان" (the guardian) البريطانية- قالت الكاتبة سيناي بوزتاس إن المتطوعين جمعوا بالفعل آلاف الشتلات التي تم اقتلاعها من الطرق المؤدية إلى الغابات والتي من غير المرجح أن تتمكن من الصمود في الغابة. وخلال يوم المشاتل، يتم تشجيع الناس على التبرع بالشتلات أو الشجيرات غير المرغوب فيها من حدائقهم الخاصة إلى 200 موقع من مراكز الأشجار المنتشرة في جميع أنحاء هولندا.
حملة مليون شجرة
تهدف حملة "مير بومين نو" (التي تعني المزيد من الأشجار الآن) إلى منح مليون شجرة صغيرة للمزارعين والمجالس وملاك الأراضي، على أمل أن تصبح هذه الممارسة شائعة في جميع أنحاء شمال أوروبا.
تقول مديرة حملة "مير بومين نو" والعضوة في منظمة "أورجندا" للمناخ، هاناك فان أورموند: "تريد هولندا زراعة 37 ألف هكتار، أي نحو 100 مليون شجرة. نحن فقط بحاجة إلى تعميم إدارة الغابات. وأطمح إلى أن تفتح كل إدارة مركزًا للأشجار".
حماية الغابات وتوسيعها
يعد التعهد بزراعة المزيد من الأشجار بحلول عام 2030 جزءًا أساسيًا من اتفاقيات تغير المناخ في هولندا، التي أمرت المحاكم الهولندية الحكومة بدعمها.
في جميع أنحاء أوروبا، وعد الاتحاد الأوروبي بزراعة 3 مليارات شجرة بحلول عام 2030 للمساعدة في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 44% على الأقل، فضلا عن وضع إستراتيجيات لحماية الغابات المتضررة وتوسيعها، رغم محدودية الأراضي.
لكن بينما تُزرع في الغابات المملوكة للدولة عادةً النباتات المعتمدة، هناك أيضًا الكثير من أصحاب الأراضي الصغيرة والمزارعين الذين يتطلعون إلى زراعة الأشجار ولكن بميزانية محدودة.
وتوضح فان أورموند: "نحن بحاجة إلى المزيد من الأشجار للتصدي لظاهرة تغير المناخ وقوانين تحمي التنوع البيولوجي. كل شجرة تمتص ثاني أكسيد الكربون، وتسهم في ترطيب الجو، وتجعل التربة أكثر صحة، وتوفر المزيد الأكسجين وتعد أيضا موطنًا للحيوانات والطيور والحشرات".
التبرع بالأشتال
انطلق نشاط هذه المنظمة الهولندية بعد أن فازت منظمة "أورجندا" بقضايا ضد الحكومة الهولندية لإجبارها على احترام تعهداتها بشأن قضايا المناخ.
وتؤكد فان أورموند أن "تحركها جاء على خلفية تصريح إحدى الوزارات بأن منظمة أورجندا تضع خططًا لزراعة الأشجار، لكنها لا تستطيع توفير مشاتل الأشجار".
وبعد تأسيس منظمة "مير بومين نو" بحلول صيف 2020، أسهم تبرع أحد أصحاب مشاتل الفواكه في أغسطس/آب الماضي بنحو 150 ألف شُجيرة إجاص في جذب الاهتمام الوطني.
وتقول فان أورموند إن هذا الحدث شجع الهولنديين على القيام بالأمر ذاته، إذ أعرب شخص آخر عن رغبته في التبرع بنحو 80 ألف وردة غيلدر.
وترى منسقة المتطوعين في غابة أمستردام، مانو فان دير نورت، أنه من غير المقبول أن يقع تنظيف مسالك الغابات من الشجيرات والشتلات غير المرغوب فيها لتتحول إلى سماد، لكن "أعتقد أن منظمة مير بومين نو تمكنت من توعية الناس بما يتعين علينا القيام به بالأشجار ومدى أهمية كل شجرة".
في 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، سيقوم نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية للصفقة الخضراء الأوروبية، فرانس تيمرمانز، بإعادة زراعة الشتلة الأولى للحملة البلجيكية مع مير بومين نو في بعض الأراضي الواقعة بالقرب من بروكسل.
وصرح تيمرمانز: "عبر جمع الشجيرات والمشاتل من غير مرغوب فيها وإعادة زرعها في مناطق جديدة، وجدت حملة مير بومين نو طريقة إبداعية ومستدامة لزراعة المزيد من الأشجار".
وقد توسعت هذه الحملة الآن من هولندا إلى بلجيكا، وأعتقد أنها طريقة يمكن أن تلهم كثيرا من البلدان في أوروبا. أنا سعيد جدًا بالمشاركة في هذه الحملة وأتطلع إلى زرع الشجرة الأولى للحملة البلجيكية الشهر المقبل".
من جانبها، تشير مجموعة الضغط المعنية بالغابات "فيرن" إلى أن هذه الفعاليات التوعوية لا تقلل من الحاجة إلى اتخاذ إجراءات حكومية واسعة النطاق، مثل تخصيص أراض للغابات.
وتوضح الناشطة في مجال الغابات والمناخ تكيلسي بيرلمان أنه "لغرس الأشجار في المجتمعات المحلية، خاصة في المناطق الحضرية، فوائد بيئية واجتماعية ضخمة، لكن هذه المبادرات ينبغي ألا تصرف انتباهنا عن القضية الأكبر، وهي الوضعية غير المستقرة لغابات أوروبا التي تعاني من ظاهرة قطع الأشجار".
المصدر : غارديان