بعد العملية البطولية التي نفذها المقدسي فادي أبو شخيدم قرب باب السلسلة في البلدة القديمة بمدينة القدس، بات المكان فارغا من المقدسيين ومعززا بجنود الاحتلال، فبقيت المتاجر والمقاهي تنتظر أن يطرقها أي زبون مقدسي منذ أكثر من أسبوع.
فكر صاحب أحد المقاهي ويدعى "عماد" والمعروف بأبو خديجة المقدسي بمبادرة " كاسة الشاي عليَ وزيارة الخان عليك" لتعود الحياة طبيعية في باب السلسلة.
يقول أبو خديجة إن الهدف من مبادرته إعمار البلدة القديمة، خاصة منطقة باب السلسلة، التي تشهد تضيق متواصل من قوات الاحتلال، بعد عملية أبو شخيدم، عقب تنفيذه اشتباكا مسلحا في الـ 21 من شهر نوفمبر الماضي.
ويضيف:" أعلنت عن مبادرتي بعد العملية قرب باب المقهى، حيث بات الشارع فارغا من المقدسيين ومليئا بعناصر شرطة ومخابرات الاحتلال الإسرائيلي الذين يحاولون منع دخول أحد للمنطقة".
المقهى الذي يديره أبو خديجة منذ أكثر من 30 عاما عبارة عن وقف إسلامي، حاول الاحتلال سرقته أكثر من مرة وعرض مبالغ مالية كبيرة لشرائه وصلت إلى 31 مليون دولارا، ودوما يردد "هذا المكان ليس ملكي بل وقف إسلامي يجب المحافظة عليه (..) نحن أهل القدس أمناء على البلدة القديمة ومعالمها الإسلامية".
ويدعو عبر فيديو انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي كل غيور على البلدة القديمة، أن يأتي لهذا الشارع ويشرب كاسة شاي مجانية من الخان، معلقا " البلدة لا تعمر إلا بسكانها".
ويقول للمقدسيين وهو يحثهم للقدوم لمحله أو المنطقة كلها "تعرضكم للتفتيش والتدقيق من عناصر الاحتلال شيء عادي (..) أزيلوا عقبة الخوف واعمروا شوارع وأحياء البلدة القديمة، واشربوا شاي مجانا كي لا يشعر الاحتلال أن أهل المدينة تركوها وحيدة".
المكان الذي يديره أبو خديجة وورثه عن جده كان عبارة عن ستة أمتار لكنه بقي سنوات طوال يحفر وعائلته بالخفاء، لاكتشاف خان كبير من طابقين، الطابق السفلي يصل المحل بباب العامود وحائط البراق وكنيسة القيامة والمسجد الأقصى.
وبدأ الحفر فيه منذ العام 1990 حتى كشف سرداب ضيق يؤدي إلى طرف حائط قديم فواصل الحفر خفية رغم صعوبة الأمر وامتلاء المكان بالأتربة، لكنه اضطر للتوقف عام 2000 بسبب اندلاع انتفاضة الأقصى وتدهور الأوضاع الأمنية وحين هدأت الأمور عاد ليكمل عمله.
ويوضح أنه مجرد حارس لهذا العقار الأثري، يطمح بمواصلة اكتشافه وترميمه وتحويله إلى مزار يدل على عروبة وإسلامية المكان، مشيرا إلى أن المكان بعدما كان ستة أمتار، وصلت مساحته إلى 400 متر بعد استخرج أطنانا من الأتربة.
ويعتبر محل أبو خديجة معلما من معالم القدس فهو من الطراز القديم من العهدين العثماني والمملوكي، تتوسطه أعمدة، وجدرانه السميكة تتصل بعقارات أخرى.
مواقف كثيرة كانت بين صاحب الخان أبو خديجة وجنود الاحتلال لمحاول نزع ملكيته للمحل لكنه لايزال صامدا، فهو يعتبر كل حجرا في المكان والأزقة التي تؤدي إليه أمانة في عنقه، لذا لايزال ينتظر عودة الزوار للمكان كما كانوا قبل عملية أبو شخيدم.