غزة-محمد بلّور-الرسالة نت
رغم أنها لازالت فتية إلا أن تجربتها المقاومة والسياسية خصبة بكثير من عناصر العمل المعزز للحقوق الوطنية في وجه الاحتلال الصهيوني.بدء من الظروف المصاحبة لانطلاقتها وتراجع العمل المقاوم، ثم عودتها للحديث عن الثوابت التاريخية للفلسطينيين بثوب إسلامي ستبقى حماس حالة مهمة في الحركة الوطنية .
وبدأت حماس كحركة إسلامية في مواجهة الاحتلال بكافة الوسائل حتى وصلت لمربع السياسة وأصبحت في طليعة المقاومة الفلسطينية ما جعل منها العدو الأول لـ"إسرائيل".
ويحاصر الاحتلال والمجتمع الدولي المنحاز لجانبه حماس سياسيا بهدف إسقاطها وقد جرب ضدها حربا قبل سنتين وصفت بالأشد لكنها رغم ذلك بقيت صامدة فهل ستواصل صمودها وهم تطفئ شمعتها الرابعة والعشرين ؟ .
منقذة للعمل الوطني والفدائي
على غير موعد ولدت حماس في الرابع عشر من ديسمبر سنة 1987 تحت مرأى ومسمع الاحتلال ليجد نفسه دفعة واحدة أمام ألدّ أعداء المستقبل .وأكد المحلل السياسي د. عصام عدوان أن انطلاقتها جاءت في وقت تراجع فيه العمل الفدائي ما جعل منها رافعة للمقاومة والتمسك بالثوابت .
وأضاف لـ"الرسالة نت": "انطلقت في وقت أصبحت فيه منظمة التحرير جاهزة رسميا للاعتراف بـ(إسرائيل) وقد عبرت عن ذلك في وثيقة الاستقلال حين تحدثت عن حق (إسرائيل) العيش بأمان".
وبدخول حماس الحلبة السياسية أعادت الكرة في اللعب مع الاحتلال للمربع الأول حين رفضت الاعتراف بـ(إسرائيل).وقال عدوان إن انطلاقتها تزامنت مع تراجع الفكر القومي العربي وتراجع الفكر الوطني الذي أصبح جاهزا للتنازل والاعتراف بالاحتلال خاصة فتح.
أما الباحث في الشئون التاريخية والحركات الإسلامية د.خالد صافي فأكد أن حماس على الصعيد الفكري قدمت رؤية إسلامية منحها مستقبلا بعدا إسلاميا.
وأوضح صافي في تصريح "الرسالة نت" أن تنظيم الإخوان وهي ذراعه في فلسطين له منطلق دعوي وعسكري تجاه أكثر القضايا الإسلامية خصوصية ألا وهي فلسطين" .
الثوابت
وتردد حماس في لقاءاتها الجماهيرية وتصريحاتها الإعلامية أنها متمسكة بالثوابت ما جعل منها كمن يغرّد بعيدا عن السرب.وبالنسبة لحماس فإن الثوابت ممثلة في رفض الاعتراف بـ"إسرائيل" وحق العودة والقدس والحدود وغيرها شكل عودة أصيلة لتاريخ القضية.
ووصف المحلل عدوان فهم حماس لقضية الثوابت بأنه مشوار لا ينجز سريعا وأنها رغم عجزها عن انتزاع ثوابتها بقيت على الأقل متمسكة بحق شعبها ترفض الاعتراف بالاحتلال.وأضاف: "اليوم بعد 60 سنة عندما تتحدث بنفس المصطلحات والحقوق فذلك يضع الاحتلال أمام فاجعة بعد أن حاول السيطرة التامة على فلسطين".
أما المحلل صافي فألمح أن خطاب حماس الرسمي مازال صامدا يرفض الاعتراف بـ"إسرائيل" ويتمسك بحق العودة والقدس وتحرير كامل فلسطين .
وأضاف: "شهد خطاب حماس السياسي تطورا براغماتيا فقد شاركت في الانتخابات المحلية وبعدها التشريعية لتؤكد على شراكتها مع الآخرين في الدم والقرار كما قال مؤسسها الشيخ أحمد ياسين " .
وأشار إلى أهمية حديثها عن دولة في حدود 1967 مع عدم الاعتراف بالاحتلال وتلك إدارة ذكية في خطابها السياسي الثابت.
مقاومة إسلامية
وتتحلى حماس بحلة مقاومة قشيبة لونها إسلامي ما يصنع من صراعها مع الاحتلال صراعا عقائديا بالدرجة الأولى .
عن فهما للمقاومة أكد المحلل عدوان أن فكرها الإسلامي المقاوم غير قابل للانخراط والاعتراف بالعدو.
وامتازت حماس عن بقية حركات التحرر الوطنية السابقة أنها كرّست صراعها في داخل فلسطين المحتلة حتى لا تفتح على نفسها جبهات خارجية كما حدث مع منظمة التحرير .
وأضاف: "حصرت مقاومتها داخل فلسطين وكبدت العدو خسائر فأصبحت رقما صعبا وأصبح الكل يحسب لها حساب" .
أما الباحث في الشئون التاريخية والحركات الإسلامية د.خالد صافي فقال إن حماس منحت القضية بعدا عقائديا عبر المقاومة .
وحول أبرز ما عززته حماس طوال 23 عاما مضت أكد المحلل صافي أنها عززت الجانب العسكري بدرجة أولى في مقاومة الاحتلال .واعتبر تجربتها المقاومة المتطورة أهم التجارب بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت سنة 1982 وتراجع دورها العسكري.
وشاركت حماس بقوة في انتفاضة 1987 حين بدأت العمل العسكري الذي أجبر الاحتلال على إبرام اتفاق أوسلو للتخلص من مقاومتها المتصاعدة .ورغم كل ما حملته 23 سنة من عمر حماس إلا أن دخولها للحكومة وفوزها بانتخابات 2006 وما تبعه من انقسام وحصار غزة يعد أهم مراحل التحدي في تاريخها .
وتتقاسم غزة آلاف الكاميرات ووسائل الإعلام وكلها ترقب كيف ستستمر حماس في التنفس رغم الحصار وهي تتحدث عن الجمع بين السياسة والمقاومة .
ورغم أن الجمع بين السياسة والمقاومة يعد تلقائيا تجديفا عكس التيار إلا أن حماس سجلت في 4 سنوات مضت تجربة ناجحة ومتحدية لكافة العقبات وحلقات الحصار .