أعادت طريقة مقتل الشاب محمد سلمية -25 عاما- من مسافة صفر في منطقة باب العامود، للأذهان مشهد قنص الطفل الشهيد محمد الدرة في انتفاضة الأقصى التي التقطتها عدسة الكاميرة، حين وجه جنود الاحتلال يومها عليه الرصاص ليقتلوه بشكل متعمد.
المشهد ذاته تكرر أمس موثقا حين نفذ الشهيد سلمية عملية طعن، وأصيب بعدها حتى سقط أرضا دون أدنى مقاومة، لكن سرعان ما حاوطه جنود الاحتلال الإسرائيلي كما ظهر في فيديو مصور وثقه أحد المارة، وأطلقوا النار عليه بستة رصاصات في جسده ليفارق الحياة.
وتعتبر عملية الإعدام التي نفذها جنود الاحتلال صوب ابن مدينة سلفيت "سلمية" تخالف الأعراف والقوانين الدولية، حتى وصفت بأنها "عملية خارج نطاق القانون"، خاصة وأن طواقم الإسعاف كانت في المنطقة لكن الجنود رفضوا اسعافه رغم أنه كان بإمكانهم اعتقاله بدلا من قتله.
كما وأعرب مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن صدمته لما وصفه بـ "إعدام خارج نطاق القانون" للشاب سليمة.
تكرار عمليات قتل الشباب الفلسطيني على يد الاحتلال بذات الطريقة دون محاسبة من المجتمع الدولي ومحكمة الجنايات يدفعهم لممارسة المزيد من الانتهاكات ضد الفلسطينيين، خاصة وأن الطريقة ذاتها باتت تحولا جديدا في سلوك الاحتلال في التعامل مع الشباب.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت قال إن "الجندي والجندية، تصرّفوا بشكل سريع وقوي، أطلب مدّهما بالدّعم الكامل، هذا كان المتوقع من جنودنا وهكذا هم فعلوا".
ويعقب نواف العامر المحلل السياسي على العملية بالقول إن أعضاء الكنيست ذاتهم استنكروها رغم أدائهم القسم لدولتهم والولاء لها، فكيف هي بالنسبة للآخرين، مشيرا إلى أن حالة الاستنكار جاءت لأن العملية كان واضحة بأنها تعدت القوانين الإنسانية.
وذكر العامر "للرسالة" أن الاحتلال بفعلته الأخيرة والمتكررة يؤكد أنه ليس بحاجة لذريعة لقتل الفلسطيني وانهاء وجوده على أرضه، مبينا أن هناك قرار إسرائيلي أكده وزير الدفاع ورئيس الحكومة بقتل أي شيء متحرك خاصة في الضفة المحتلة والقدس، لذا يعتبر الجنود بفعلتهم عند مقتل سلمية أنهم أدوا ما عليهم فعله.
وحول هدف الاحتلال من ارتكاب تلك الجرائم العنصرية يرى المحلل السياسي أن الاحتلال يسعى لإرهاب الفلسطيني وقتل الروح المعنوية حين يرى مشاهد وصور القتل بدم بارد، مبينا أن الاحتلال بفعلته الأخيرة المكررة يريد إيصال رسالة للشباب أن الموت يتربص بهم حال فكروا بالمقاومة.
وعن المطلوب فعله للرد على تلك الجرائم الغير إنسانية المرتكبة من قبل الاحتلال، لفت العامر إلى وجود محورين لابد من تفعيلهما الأول أن تغادر منظمة التحرير مربع صمتها الذي يعتبر جزء من الجريمة وتتوجه إلى محاسبة الاحتلال أمام المحاكم الدولية ووضع حد لتلك الجرائم، مشيرا إلى أن المحور الثاني يكمن في تكثيف التواجد الفلسطيني في القدس دون الخوف من رصاص الاحتلال.
وفي ذات السياق أدانت حركة حماس في بيان لها إعدام الاحتلال مواطنا فلسطينيا في مدينة القدس المحتلة، مؤكدة أن الجريمة مكتملة الأركان، حيث انتهك الاحتلال القوانين الدولية الإنسانية، بالإجهاز على شاب فلسطيني جريح ينزف دماً، ولا يشكّل أيّ خطر عليهم.
وقالت الحركة في بيانها، إنَّ تعمَّد جنود الاحتلال الإجهاز على الشاب الفلسطيني وهو ملقى على الأرض، وذلك بإطلاق النار المباشر عليه، يعدّ سلوكاً إجرامياً يعكس الوجه الحقيقي للاحتلال وجنوده، ويكشف طبيعتهم في الاستهتار بحياة الإنسان من جهة، والاستخفاف بالقانون الدولي لعدم وجود رادع ومحاسب لهم عن جرائمهم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
وأكدت أن الاحتلال يتصرف فوق القانون والمواثيق الدولية، وذلك بسبب عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ أي إجراءات عملية لكبح جماحه عن الاستمرار في جرائمه وعدوانه ضد الفلسطينيين.