بدأ الجهاز العسكري في حركة حماس بالعمل مبكراً ما قبل الإعلان عن انطلاقتها، فقد حمل السلاح، عام 1987، بعد تأسيس جهاز عسكري أسمته الحركة في ذلك الوقت "المجاهدون الفلسطينيون".
لم تعلن الحركة عن جناحها العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام إلا بعد سنوات من إعلان الميثاق الأول لها، وتحديداً في عام 1992 رغم أنه كان يعمل كجهاز عسكري مقاوم بقيادة الشيخ صلاح شحادة منذ العام 1986.
ولعل العملية الأبرز في أوائل العمل كانت عمليتي اختطاف وقتل الرقيب الإسرائيلي "آفي ساسبورتس" التي نفذها الجهاز العسكري "المجاهدون الفلسطينيون" في 3 فبراير/ شباط 1989، والجندي إيلان سعدون في 3 مايو/ أيار عام 1989.
العملية السابقة هي من تسببت بتحويل اسم الجهاز إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام، حينما أعلن الاحتلال عن حملة اعتقالات وهجمة ضد "المجاهدون الفلسطينيون" ما جعله يفكك نفسه مؤقتا.
عاد العمل باسم عز الدين القسام عام 1992م لتشهد السياسة أن ذلك التاريخ كان تغييراً حقيقياً في حركة النضال الفلسطيني.
مع مرور السنوات، تطور العمل العسكري لكتائب القسام، وفي كل مواجهة تفاجئ الاحتلال بتطور جديد في عتادها وتصنيعها، وبعد أن كان سلاحها البدائي" الكارلو" المستخدم في الانتفاضة الأولى والثانية تحول إلى صواريخ ضربت عمق (إسرائيل) في معركة الفرقان، وحجارة السجيل، ومعركة العصف المأكول وسيف القدس.
تحت الأرض
اشتهر الجناح العسكري لحركة حماس بسياسة حفر الأنفاق، والذي كانت تسعى (إسرائيل) لتدميرها في حربها الأخيرة على غزة.
ولقد كان للأنفاق دورها البارز في دعم المقاومين القساميين وتسهيل مهامهم الجهادية. فهي الوسيلة التي سهلت عملية خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، بعد أن تسلل أفراد المقاومة إلى داخل الأراضي المحتلة عبر نفق.
وأسفر التسلل عن مقتل جنديين وجرح آخر وأسر شاليط، لينتج عنها تحقيق أكبر صفقة تبادل في تاريخ القضية الفلسطينية حيث ساهمت العملية في تحرير أكثر من 1000 فلسطيني من السجون (الإسرائيلية).
وتكمن أهمية استخدام القسام للأنفاق في المقاومة في عجز الاحتلال عن كشفها بالشكل الدقيق، حيث حفرها رجال المقاومة على عمق 20 متراً تحت الأرض وبالتالي استحال على الاحتلال التعرف على أماكنها.
المدى الأوسع
أما التطور الأهم في منظومة أسلحة الحركة فكان بصناعة الصواريخ التي بدأت من مسافة 2 كم عام 2001م، حتى بلغت 250 كم عام 2021م، لتغطي كل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأعلنت كتائب القسام في تقرير لها قبل شهرين، أن الفضل في أول تصنيع لصواريخ القسام يعود للشهيد نضال فرحات ثم للشيخ صلاح شحادة برفقة الشهيد القسامي تيتو مسعود، كما ساهم وشارك بتطوير المنظومة الصاروخية الشهيد القسامي عدنان الغول.
تطور عمل الكتائب كان أسرع مما يتوقعه العالم، ومما توقعته (إسرائيل) نفسها، وقد ظهر ذلك خلال معركة حجارة السجيل 2012م، مع إعلان الكتائب عن صاروخ M75 الذي استطاع ضرب " تل أبيب" لأول مرة في تاريخها.
وفي حرب 2014 " وأثناء معركة العصف المأكول" كان التطور أكثر وضوحاً وسرعة وعبقرية، وأثبت أن عمل عقول المصنعين في كتائب القسام يفاجئ العالم حيث دكّت صواريخ "J80, S55, R160" مغتصبات العدو ومواقعه العسكرية خلال المعركة، على طول 160 كيلومتراً داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي النهاية كان الإعلان عن صاروخ عياش 250، وكأنه بداية النهاية لـ" إسرائيل" حيث طالت صواريخ القسام كل شبر من الأراضي في الداخل المحتل، ولعله كان رسالة جديدة بدأت من نقطة لا رجعة فيها.
قوة ردع
المحلل العسكري يوسف الشرقاوي علق على ذلك التطور في عمل كتائب القسام على مدار السنوات السابقة وخاصة العشر سنوات الأخيرة قائلا: "التطور كان سريعاً وملاحظاً وقد أثبتته الحروب المتواصلة على القطاع، واعترفت بذلك (إسرائيل)، لافتا إلى أن عملية سيف القدس كانت الحاسمة، فقد أجبرت الاحتلال على الاعتراف بالفشل قائلاً: "لقد فشلنا في تدمير مترو الأنفاق الخاص بحماس".
ويرى الشرقاوي أن القوة العسكرية للقسام ناشئة، لكنها تمتلك قوة وجرأة وردعاً أكبر من دول عربية عريقة، وهذا يكفي، على حد تعبيره.
وعلى مدار الحروب الماضية استطاعت القسام أن تثبت للعالم أنها قوة مقاومة حقيقية، وصواريخها لا يستهان بها، ولكنها للأسف – على حد قول الشرقاوي- لم تصل بعد إلى تهديد الجبهة الداخلية الإسرائيلية لأن (إسرائيل) محمية بدول عربية من المفترض أن تكون هي الداعم لغزة وللقسام، فأعداء غزة من العرب قبل الاحتلال وهذا هو المؤسف.