قائمة الموقع

حماس وعلاقاتها الخارجية.. إنجاز صنعه التحدي

2010-12-13T08:57:00+02:00

 يوسف: انفتاح حماس على العالم أسس لمستقبلها مع الدول

أبو ليلة: الالتفاف الجماهيري حول الحركة لفت أنظار العالم إليها

محلل: لاعب قوى على الساحة العربية والدولية

الرسالة نت - ياسمين ساق الله

لم يكن الاهتمام العربي والدولي بحركة المقاومة الإسلامية حماس وليد الساعة، إنما ظهر منذ انطلاقتها وبروزها على الساحة السياسية الفلسطينية كحركة وقيادة وحكومة يشهد لها الحاضر والماضي والمستقبل بذلك, لتصبح مع انطلاقتها الثالثة والعشرين معادلة يصعب شطبها من ذاكرة التاريخ الفلسطيني والعربي والدولي.

فاستطاعت حماس من خلال سياستها الخارجية المنطلقة من شعارها القائم على الحوار مع الجميع باستثناء ممثلي الكيان الصهيوني بناء نسيج مميز من العلاقات مع دول ذات ثقل عالمي كروسيا والصين، وإقليمي كماليزيا وإندونيسيا وتركيا وإيران, وعربي كسوريا ومصر وقطر.

وتطورت علاقات حماس الخارجية بعد فوز أكثرية مرشحيها بالانتخابات البلدية التي جرت عام 2005 لتبلغ ذروتها بعد الانتخابات التشريعية والتي حصدت الحركة فيها أكثرية مقاعد المجلس التشريعي عام 2006.

التفاف جماهيري

د. خليل أبو ليلة قيادي في حماس أوضح أن الحركة استطاعت أن كسب تعاطف الجماهير الفلسطينيين من خلال تبنيها خط المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني في الوقت الذي وافقت م.ت.ف. على الذهاب لمؤتمر السلام بمدريد ثم خوض مفاوضات سرية نتجت عنها اتفاقات أوسلو".

ويتابع أبو ليلة لـ "الرسالة نت" :" الالتفاف الجماهيري حول حماس جعل الأنظار تتجه إليها محليا وإقليميا ودوليا لتصبح رقما صعبا لا يمكن تجاوزه".

ويضيف القيادي في حماس :" بعد فوز حماس بالانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة بقيت الدول الداعمة للحركة على موقفها الداعم أما الدول المعادية المحاذية لأمريكا والسلطة جاهرت برفضها لتشكيل حماس للحكومة ليتم مقاطعة الحركة والحكومة وحصار غزة ".

وتابع:" الدول العربية و الأوربية المعادية لحماس ساهمت بعرقلة الحكومة, معلنة بوضوح عدم الاعتراف بها كحكومة شرعية ومنتخبه ".

وفور توقف العدوان الإسرائيلي، شهد قطاع غزة وما زال توافدا محموما لعشرات الوفود الأجنبية، الغربية والأمريكية تحديدا. 

فقدان الأمل

وسعت الولايات المتحدة إلى فرض عزلة دولية على الحركة, إلا أن هذه العزلة لم تكن كاملة أو متماسكة؛ حيث شهدت الفترة التي تسلمت فيها الحركة على مقاليد الحكم بعد انتخابات يناير 2006 التشريعية اتصالات متواترة بين حماس وبعض الدوائر الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي وبلدان أوروبية مثل النرويج، وعربية كقطر وسوريا .

وفي معرض رده على سؤال عن سبب إقبال الدول العربية للتحاور مع حماس , يقول أبو ليلة:" الدول العربية تعلم أن حماس هي خيار الشعب الفلسطيني الذي عوقب بشكل جماعي على خياره, لاعتقادهم أن ذلك يغير من قناعات الفلسطينيين".

وتابع :"تلك الدول بدأت تفقد الأمل بتحقيق أهدافها كعزل الحركة بدليل أن الدول التي ليس لها احتكاك مباشر مع الفلسطينيين أصبحت معتدلة في خطابها الإعلامي فيما يخص حماس والحكومة".

ويفسر أبو ليلة  التعامل الأوروبي السري والعلني مع حماس على أنه محاولة لجس نبض توجهاتها وطمعا باحتوائها وإقناعها بالمشاركة في مفاوضات السلام , قائلا:" لا استبعد أن يأتي يوما تكون فيه أوروبا أكثر واقعية وتتعامل مع الحركة على أنها وصلت للحكم عبر صناديق الانتخابات وتحترم رغبة الشعب الفلسطيني"

وحول أسباب حوار الغرب مع الحماس يضيف القيادي في حماس:" هم يريدون إقناعها بمسار المفاوضات من أجل إبقاء خط رجعة لهم كونهم يدركون أن وضع الأنظمة العربية مهتز،فمصالحهم تفرض عليهم إقامة علاقات طيبة مع أي أنظمة جديدة قد تصل لسدة الحكم , مؤكدا في الوقت ذاته أن حركة حماس على درجة كبيرة من الوعي ولا أحد يقدر على اقتيادها لذات مسار م.ت.ف.

وفي معرض رده على سؤال ماذا حققت حماس من خلال حواراتها مع الغرب والدول العربية , يجيب: "استطاعت الحركة تفنيد مزاعم الغرب بدعم الديمقراطية من خلال إثباتها عدم قبولهم أي انتخابات بالدول العربية تتمخض عنها وصول الإسلاميون للحكم , كما أوضحت أنها تحافظ على الأمن القومي للدول العربية من خلال ترسيخها مفهوم عدم التدخل في شئونهم الداخلية".

وتؤمن حماس بأهمية الحوار مع جميع الحكومات والأحزاب والقوى الدولية بغض النظر عن عقيدتها أو جنسيتها أو نظامها السياسي، ولا مانع لديها من التعاون مع أي جهة لصالح خدمة قضية الشعب الفلسطيني العادلة وحصوله على حقوقه المشروعة، أو تعريف الرأي العام بممارسة الاحتلال الصهيوني، وإجراءاته اللاإنسانية ضد شعبنا الفلسطيني .

ومن أبرز الرسائل الأوربية المتعلقة بحماس تتمثل بالرسالة التي مفادها "سياسة عزل حماس لا يمكن معها تحقيق الاستقرار", والتي بعث بها ساسة ودبلوماسيون غربيون كبار إلى صحيفة "تايمز" البريطانية، مطالبين فيها بضرورة الإصغاء للدعوات التي تصاعدت مؤخرًا بإشراك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين.

وذكر الدبلوماسيون في رسالتهم :"أن حماس باتت أمرًا واقعًا، ولم يعد بالإمكان أن تختفي سواء شئنا أم أبينا.. لقد فازت في انتخابات ديمقراطية عام 2006، واستطاعت أن تحافظ على مكانتها لدى الشعب رغم المحاولات الجادة لتشويه صورتها، وإبعادها بالوسائل المتعددة والتي كان على رأسها الحصار الاقتصادي", وتضاف تلك الرسالة إلى مجموعة من الدعوات والمطالب التي تؤيد إشراك حماس في العملية السلمية، وأنه من الخطأ إغفالها أو تهميشها.

تغير وتطور

وما زالت تلتزم الدول الأوروبية عملياً بموقف منسق شؤون السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا والقاضية باعتبار حركة حماس حركة إرهابية، وبالتالي لن يتم الحوار معها حتى تلتزم بشروط اللجنة الرباعية التي تضم ممثلاً لأوروبا في عضويتها، والتي تقضي بالاعتراف بحق (إسرائيل) بالوجود والاعتراف بكافة الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية ونبذ الإرهاب.

وكيل وزارة الخارجية في الحكومة الفلسطينية د. أحمد يوسف أوضح أن طبيعة العلاقات الخارجية قبل مشاركة حماس بالانتخابات تختلف بعد تسلمها مقاليد الحكم, قائلاً :"كانت العلاقات تقتصر على بعض  الزيارات للدول العربية والإسلامية لشرح الوضع الإنساني وطبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني لتقتصر على العمل الخيري وجلب المساعدات لمؤسسات وجمعيات كانت ترعاها الحركة ". 

ويتابع يوسف :" بعد الحكومة الأفق تغير فبات المطلوب رسم علاقات قائمة على فهم سياسي معين وأبعاد استراتيجية واضحة, كما أن الدعم الخيري للمؤسسات اختلف ليصبح دعما مباشرا للحكومة ", مضيفا:" توسعت العلاقات وفتحت أبواب كثيرة فالزيارات أخذت طابع يختلف عما كان سابقا ومشاريع الدعم قفزت قفزة نوعية لاسيما بعد أن أصبح هناك نوعا من الانفراج والارتياح مع بعض الدول العربية والإسلامية".

 وذكرت مصادر فلسطينية أن الإدارة الأمريكية تسعى حالياً لفتح خط جديد مع حركة حماس عبر الزيارة الاستكشافية التي قام بها وفد أمريكي غير رسمي برئاسة السفير الأمريكي السابق مارك هامبلي, ولقائه رئيس الوزراء في الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية في الأيام القليلة الماضية.

ويبين يوسف في الوقت ذاته تعرض حركة حماس منذ نشأتها لهجمة شرسة من الضغوطات لتزداد وتيرتها مع تسلمها مقاليد الحكومة, قائلاً :"أمريكيا شنت حربا على الإسلام فكانت حماس ضمن قؤائم الإرهاب, فتحركت بمساحات العلاقة داخل حماس لعزلها بالضغط على الدول العربية والإسلامية بعدم التعامل معها ".

ويكمل يوسف حديثه قائلاً :"الدول العربية والإسلامية بدأت تتعامل في هذه الآونة بشكل يحمي حماس والحكومة كقطر وسوريا وإيران بدليل الحماس الشعبي الكبير لهذه الدول لحماس وحكومتها مما يعنى أن تلك الدول لم تلتزم بالحصار الأمريكي الذي تفرضه عليها ".

وتابع:" بالرغم من جود كثير من الدول العربية انصاعت للرغبات الأمريكية لإسقاط نموذج حماس وإفشال تجربتها السياسية".

وفرضت أوروبا حصاراً شاملاً على حكومة الوحدة الوطنية التي شكلتها حماس بالمشاركة مع حركة فتح بعد اتفاق مكة , لكن أوروبا بدأت تدرك الآن أن سياسة عزل حماس لم تؤد إلى النتائج المطلوبة.

وكلما ازدادت المعونات المقدمة من قبلها للسلطة الوطنية وخاصة لحركة فتح كلما ازدادت شعبية حركة حماس داخلياً، لأن الشعب الفلسطيني يعرف حق المعرفة أن الولايات المتحدة وأوروبا و(إسرائيل) هي التي تحاصره وليس حركة حماس، وأن تدفّق المساعدات على حركة فتح يعود لتخليها عن الثوابت الوطنية الفلسطينية.

وفيما يتعلق بتعامل الحركة مع الغرب وحواراتها الرسمية وغير الرسمية معهم , يقول :" حماس منذ 2003 موجودة على قائمة الحركات الإرهابية بالتالي لا تتواصل مباشرة مع الدول الأوربية فجاءت حكومة الوحدة الوطنية للخروج من حالة العزلة السياسية وبالتالي يرفع الحرج عن الأوربيين المعنيين بفتح علاقات مع حماس"، إلا أن الأوروبيين خذلونا للأسف بالتعاطي مع حكومة الوحدة ما جعل العلاقات خلف الكواليس وبعيدا عن المتابعة والرد الأمريكي الإسرائيلي".

وعما حققت حماس من خلال علاقاتها الخارجية ,يقول يوسف:" حماس باتت معروفة خارجيا بعد علاقاتها واتصالات بأنها ليست حركة إرهابية ولا تمت للقاعدة بصلة كما كانت صورتها سابقا بالتالي ساهمت بتغير صورتها للعالم فأصبحت معروفة بأنها حركة وطنية لها رؤية سياسة تسير وفقها وتتحرك من خلال مقاومتها المشروعة لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية ". 

وتضغط الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) على الدول الأوروبية، وتمنعها من الاتصال بالحركة أو ممثليها، سواء كان ذلك داخل حدود فلسطين المحتلة أم في الخارج, كما ويلعب الإعلام الأوروبي التابع لجماعات الضغط الصهيونية دوراً أساسياً في التحريض على حركة حماس وعلى بناء رأي عام مناهض لها, حيث وترفع الأحزاب اليمينية والقومية المتطرفة شعارات انتخابية تتعهد فيها بمحاربة الإسلام السياسي بما فيه حركة حماس محلياً ودولياً.

لاعب قوي

وفي السياق ذاته يقول المحلل عبدو لـ"الرسالة نت" أن حماس ومن خلال انخراطها مع العالم الخارجي باتت من أبرز عناصر القوة في المنظومة العلاقاتية مع الحركات المشابهة لها في الدول كإيران وسوريا والسعودية.

 وتابع :"بعد فوزها بالانتخابات وملأت حماس الفراغ الناتج عن تراجع القوى العلمانية في الحركة السياسية الفلسطينية فبرزت بشكل واضح ليس كلاعب محلي فقط بل كقوة إقليمية خاصة مع وجود تجاذب إقليمي بين محور الاعتدال والممانعة ".

ويقول عبدو:" حضور حماس في محور الممانعة ومقاومة السياسة الإسرائيلية والأمريكية منحها زخما وقوة على المسرح الإقليمي لتنتقل علاقاتها نحو التطور مع كل من إيران وتركيا وروسيا واليمن والعديد من الدول التي اعترفت بها كحركة فاعلة على الساحة السياسية الفلسطينية".

وأضاف:" بعد أن أصبحت حماس قوة إقليمية بالمنطقة بدأت قوى دولية بالتخوف من الحركة ودروها الفاعل كونها تمثل رأس الحربة للإسلام السياسي المطروح كبديل للنظم الحاكمة في المنطقة العربية والإسلامية".

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية كشف عن اتصالات تجريها حكومته مع مسئولي الأمم المتحدة في قطاع غزة وذلك لإعادة النظر من قبل الأمم المتحدة في موقفها تجاه الحكومة.

ويتابع المحلل السياسي عبدو حديثه قائلا:" هناك دول عربية كإيران وسوريا تتلاقى إستراتيجيتها مع حماس والمتمثلة بالمواجهة ضد الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية , بالمقابل دول تخشى تعاظم قوة حماس ونجاحها وبروز ظاهرة الإسلام بالمنطقة ".

وأضاف :"حماس تسعى بعد فوزها بالانتخابات إلى كشف طوق الحصار السياسي المفروض عليها للوصول لشرعية إقليمية دولية محاولة منها توضيح صورتها للقوى الغربية بأنها ليست إرهابية بل حركة مقاومة تسعى للحرية والعدالة".

ويؤكد المحلل السياسي في الوقت ذاته أن حركة حماس من خلال حواراتها مع الغرب تحاول جاهدة فتح فجوة في جدار الحصار السياسي من خلال توضيح الصورة للأوروبيين والقبول بعلاقات سياسية معلنة.

وتابع:" وخير دليل على ذلك الجولات العديدة لقادات الحركة لدول أوروبية كسويسرا وغيرها بالمقابل الوفود البرلمانين الأوروبيين التي تزور غزة وتزايدها من فترة لأخرى مما يؤشر من إمكانية حدوث تغير في الموقف الشعبي الأوروبي وليس الرسمي".

وانكسرت العزلة الدبلوماسية التي كانت مفروضة على قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع في الفترة ما بين 27 ديسمبر و18 يناير عام 2008, 2009 , حيث قام السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي وخافيير سولانا المسئول الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية النرويجي يوهان جار ستور وتوني بلير مبعوث الرباعية الدولية للشرق الأوسط بزيارات متفرقة للقطاع "للاطلاع على حجم الدمار، والوضع الإنساني في قطاع غزة".

اخبار ذات صلة