مثل شعبي يقال لشخص يصاب بمصيبتين وهو الحال الذي وصلت له حركة فتح بعد تلقيها ضربتين موجعتين الأولى كانت بعد خسارتها المدوية في الانتخابات البلدية المجتزأة التي اقرتها بالضفة الغربية مؤخرا رغم معارضة الكل الفلسطيني لها والثانية قيام بعض عناصرها في لبنان بارتكاب جريمة قتل مكتملة الأركان بحق عناصر من حماس في مخيم البرج الشمالي.
فعلى صعيد الانتخابات المحلية المجتزأة تلقت فتح صفعة قوية بعد أسدل الستار عن المرحلة الأولى بنتيجة صادمة ومخزية لقيادة فتح التي دفعت لإجرائها في مناطق مختارة يكون الفوز فيها "مضموناً".
وظنت الحركة أنها ستفوز بأريحية كبيرة في محاولة منها لاستمرار تفردها وهيمنتها، وتجديد ما تسميه "شرعيتها" رغم إصرارها على إجرائها وسط مقاطعة فصائل وازنة وقوائم انتخابية عديدة الإ انها خسرت بشكل مدوٍ وارتد كيدها في نحرها امام القوائم المستقلة بنسبة بلغت 70% من المقاعد على الرغم من تشكيلها لائتلافات وتحالفات عشائرية .
وهزمت قائمة فتح " البناء والتحرير " في المواقع التي تشكل امامها كتل منافسة تمثل أطياف سياسية أخرى، كما برز تراجعها امام كتل العائلات الأخرى او كتل مدعومة من شخصيات فتحاوية خارج اطار الحركة.
وتشكل نتائج المرحلة الأولى من هذه الانتخابات مقدمة للمرحلة الثانية وهي الأهم، حيث من المقرر أن تجري في شهر مارس القادم في 60 موقع هي البلديات المصنفة ب و أ وهي ذات الكثافة السكانية المرتفعة والمدن الرئيسية.
وتعتبر هذه المواقع الـ60 التحدي الأكبر لحركة فتح، فهي ستكون المنافسة الحقيقية حيث تحوي أكثر من 70% من عدد السكان، إضافة إلى أن فتح عادة ما تتلقى فيها نتائج في غير صالحها حتى في حالة عدم مشاركة قوى سياسية معارضة.
ولكن السؤال الذي يثار هل ستسمح فتح باستكمال هذه الانتخابات ؟ جميع المؤشرات تؤكد انها ربما تلجأ لتأجيلها كما فعلت في انتخابات عام 2016 خوفا من خسارتها بعد ظهور منافسة قوية وتعدد المشاركات الفصائلية.
ويعزز هذه الشكوك حالة الفوضى والترهل والخلافات التي تعيشها حركة فتح، ناهيك عن الفساد والواسطة والمحسوبية والشللية التي تنخر في جسدها.
ولم تفق قيادة فتح من صدمتها بعد خسارتها الانتخابات التي جاءت في ظل الجرائم والممارسات التي قامت بها سلطتها ضد الشعب في الضفة حتى تلقت الضربة الثانية على رأسها بعد ارتكاب عناصرها في مخيم البرج الشمالي بلبنان للاجئين الفلسطينيين جريمة قتل مكتملة الأركان في التخطيط المسبق خلال تشييع جثمان الشهيد حمزة شاهين في المخيم؛ بمشاركة حشود كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين وقادة الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية.
الجريمة البشعة التي اسفرت عن استشهاد شبان أبرياء لم تكن هي الأولى والأخيرة التي ترتكبها فتح وسلطتها بل تأتي في سياق متصل مع ما يجري في الضفة الغربية المحتلة، من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة أوسلو، من قتل واستهداف للناشطين المعارضين للسلطة والتي كان اخرها اغتيال الناشط السياسي نزار بنات .
كما ان هذه الجرائم هي رسالة أمنية لحركة حماس للتفكير كثيرا قبل إقامة أية مهرجانات أو فعاليات في المخيمات الفلسطينية في ذكرى انطلاقتها وهي أيضا رسالة للاجئين الفلسطينيين بأن تأييدكم لحركة حماس الذي كان واضحا في جنازة الشهيد حمزة شاهين؛ يعني الانفلات الأمني في المخيمات وعليكم أن تختاروا بين هذا وذاك.
وبالتالي نحن نتحدث عن عقلية انتقامية ترفض الاخر وتوحيد الجسد الفلسطيني وتمارس دورها كنظام ديكتاتوري يقتل معارضيه ويشوه نضالهم التاريخي والمشروع ولذلك يجب على الكل الفلسطيني بفصائله دون استثناء ان كان يسعى لتحقيق التحرير والعودة ويقدم الغالي والنفيس من اجل حريته ان يسحب شرعية هذه السلطة القمعية لانه يستحق قيادة وطنية جديرة بقيادته .