للقدس حكاية لا تشبه المدن فهي عصية على تقبل فكرة الاحتلال، صغارها قبل كبارها يعاندون جيشًا وصف أنه لا يقهر، ويدركون أنه حتمًا إلى زوال.
هذه المدينة التي تحاول (إسرائيل) تهويدها ومسح هويتها الدينية، تصرخ دومًا في وجه المحتل وتتخذ من المقاومة ورموزها نهجًا في محاربتها له.
تحاول (إسرائيل) بكل قوتها حرمان الفلسطينيين من الوصول إلى مدينتهم المقدسة والاحتكاك بمواطنيها إلا أن سكانها يُسمعون القاصي قبل الداني صوت مقاومتهم، فحكايات الجيل الجديد وهو يهين ويهدد المحتل المدجج بأسلحته كانت الحدث الأبرز لهذا العام.
على بوابات المسجد الأقصى يدنو أحد الشبان المقدسيين من ضابط إسرائيلي ويوهمه أنه يحتاجه في أمر هام ثم يهمس له "محمد الضيف دعس ع رقابكم" فيحاول الضابط اللحاق بالشاب الصغير الذي يقفز في باحات المسجد الأقصى حتى يغيب عن ناظريه.
وفي الآونة الأخيرة خاصة بعد أحداث الشيخ جراح والمواجهات التي وقعت في المسجد الأقصى وصرخات المرابطين "يا غزة يلا"، جاء الرد حينها من الأخيرة بصواريخ دكت تل أبيب ومحيطها نصرة للمقدسيين.
الرد المباشر كان من حركة حماس وجناحها العسكري "كتائب القسام" التي لبت نداء المستغيثين في الشيخ جراح وسلوان والمسجد الأقصى، فطيلة الوقت بقي المقدسيون يهتفون "لحماس ورموزها" استفزازًا لجنود الاحتلال.
ما فعلته حماس في "سيف القدس" زاد من شعبيتها في مدينة القدس وضواحيها، رغم أن وجودها الرسمي خفي هناك، لكن التفاف المقدسيين حولها كان جليًا في الشهور الأخيرة، حيث لم يكن ذلك التأييد مجرد شعارات بل إيمان راسخ بأنها ستقود عملية التحرير.
شعبية حماس
وتجلت مخاوف الاحتلال من تصاعد شعبية حماس في القدس بعد معركة "سيف القدس"، وكذلك عملية الاشتباك المسلح الذي خاضه المقدسي فادي أبو شخيدم مع جنود الاحتلال -قرب باب السلسلة على مداخل المسجد الأقصى– الشهر الماضي.
حالة من الترقب لدى (إسرائيل) من تنامي شعبية (حماس)، منذ أن نعت الأخيرة الشهيد المقدسي أبو شخيدم وعرفته أنه أحد عناصرها البارزين في القدس.
ومنذ أحداث الشيخ جراح واقتحامات المستوطنين في رمضان مايو الماضي لم يتوقف الحديث الإسرائيلي عن تصاعد شعبية حماس في القدس، خاصة بعد المعركة الأخيرة على غزة والتي جاءت بعد رد المقاومة بصواريخ موجهة صوب أهداف إسرائيلية بسبب سياسة الاحتلال في المدينة.
يقول الصحفي الاسرائيلي يؤاف شطيرن -المختص بالشؤون العربية والفلسطينية- إن ما يحدث في القدس القديمة، هو محاولة من حماس لتغيير المعادلة وموازين القوى وتعزيز تغلغلها بين المقدسيين.
وذكر في تصريحات صحفية أن (إسرائيل) تسعى لإحكام سيطرتها والترويج لفرض سيادتها في القدس الكبرى دون منازع، مرجحًا أن الصراع سيشتد وسيحتدم، لكن حتى ذلك الحين ستسعى حماس والمؤسسة الأمنية (الإسرائيلية)، لتحقيق منجزات على الأرض.
حالة التأهب
وربما للمرة الأولى يعزز الاحتلال وجوده الأمني في القدس والمسجد الأقصى، في ذكرى انطلاقة حركة حماس الـ 34.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أن شرطة الاحتلال في القدس بدأت بالفعل الاستعدادات خوفًا من التصعيد في أعقاب الذكرى السنوية لتأسيس حركة حماس، حيث زادت قوات العدو من نشاطها ورفعت حالة التأهب في البلدة القديمة وشرق المدينة، على خلفية الأحداث الأمنية التي وقعت في الأسابيع الأخيرة.
فيما بدأ النشاط الوقائي للشرطة (الإسرائيلية) في القدس الأسبوع الماضي بمراقبة دقيقة لشبكات التواصل الاجتماعي الفلسطينية، ثم نفذ حملة من الاعتقالات، تحت ذريعة التحريض والدعم للنضال الفلسطيني للتحقيق معهم.