شرع الاحتلال بإعطاء تعليمات جديدة في الأسابيع الأخيرة تبيح القتل، حيث عمم وثيقة مكتوبة نشرتها القناة العبرية العاشرة، تنص على وجوب إطلاق النار على أي شخص يلقي الحجارة على الجنود في مناطق المواجهات في الضفة الغربية.
وادعى جيش الاحتلال أن تغيير تعليمات إطلاق النار جاء "لاعتبارات عملياتية".
وتشمل الاعتبارات العملياتية، وفق ادعاء، الاحتلال "إطلاق النار تجاه أشخاص يحاولون سرقة سلاح جندي أو يدخلون إلى قواعد عسكرية أو مناطق إطلاق النار بهدف سرقة سلاح أو ذخيرة".
ولم يكن الاحتلال بحاجة إلى سن قوانين لشرعنة القتل، فهو يتقن هذا العمل على أكمل وجه، ومنذ بداية العام قتل تسعة فلسطينيين من قرية بيتا وحدها بدم بارد، خلال مشاركتهم في مسيرات سلمية مناهضة للاستيطان.
أما عن القتل بدم بارد في غزة فتلك قصة أخرى، وتقول الأرقام أن 341 فلسطينيًا ارتقوا منذ مطلع العام الحالي، وكان أكثر الشهور دموية هو أيار الماضي، حيث استشهد (287) مواطنا في غزة وفق تقرير أصدره التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين للربع الثالث من العام الحالي.
الإحصائية السابقة تعني أن أكثر من خمسين شهيداً سقطوا في الضفة الغربية والقدس، بدون أن يكون هناك سبب لإطلاق النار عليهم.
أمثلة القتل بدم بارد كثيرة، فالشهيد عيسى برهم (41 عاما)، وهو رجل قانون، ويعمل لدى النيابة العامة، قُتل أثناء مشاركته في إسعاف الجرحى عن عمد في مظاهرة بيتا الأسبوعية، حيث أطلق الاحتلال النار عليه دون أن يقدم على أي عمل.
زكريا حمايل (26 عاماً) معلم لغة عربية في مدرسة في بير نبالا جنوب رام الله، استشهد هو كذلك متأثراً بإصابته برصاصة اخترقت صدره وأصابته في مقتل.
وقد وصف شقيقه في ذلك الوقت طريقة القتل قائلاً: "كنا نجلس على الصخور بين الأشجار، كنا ببساطة نتنزه وقام زكريا ليصلي العصر حينما سعمنا صوت إطلاق النار ثم سقط مصاباً، ثم شهيداً".
كما لم تنس الضفة الغربية مقتل الدكتور الأردني علاء زعيتر قبل سنوات، على معبر الكرامة وأثناء صعوده الحافلة للسفر حيث اعتدى عليه جندي إسرائيلي وأرداه قتيلا بثلاث رصاصات.
وقبل عام أعدم الاحتلال الشاب إياد الحلاق، وهو من ذوي الإعاقة في القدس، وذلك أثناء ذهابه إلى مدرسته، حيث لم يسمع أو يفهم الكلمات التي كان يطلقها أفراد شرطة الاحتلال حين لاحقوه وذلك بسبب حالته الصحية، وقد كان واضحا لشهود العيان أن الشهيد لم يكن يحمل أي سلاح و قتل بدم بارد.
المحامي الفلسطيني في الداخل المحتل خالد زبارقة أكد أن الاحتلال يشرعن القتل بهذه التعليمات الجديدة.
وبين أنه رغم أن الاحتلال يمارس القتل وإطلاق النار بدم بارد إلا أنه لم يكن هناك مطلب رسمي بإطلاق النار على من يلقي الحجارة، وهذا هو الجديد، حيث أن الاحتلال يستهتر بحقوق الفلسطيني فيطلق النار لدرجة أن يقتل صبياً لأنه رمى حجر.
ويلفت زبارقة إلى أن ظاهرة إلقاء الحجارة هي جزء من طريقة الاحتجاج الفلسطينية والتغيير في تعليمات إطلاق النار وإعطاء الإذن للجيش هو رخصة مفتوحة للقتل البارد العمد، وهذا مخالف للقوانين الدولية والمحلية التي تنظم التعامل مع المظاهرات والاحتجاجات السلمية.
ووفقا للقانون (الإسرائيلي) فإن هناك تعليمات رسمية تحت مسمى " متى يحق لرجل الأمن إطلاق النار" والتعليمات، وفق زبارقة، أكثر شدة عندما يتعرض رجل الأمن للخطر، أو يكون الطرف الآخر مسلحاً.
ويضيف مستهجناً: "أن يصل الخوف الإسرائيلي لدرجة إطلاق النار على العزّل، فهذا جديد وخطير حيث يسعى الاحتلال من خلاله إلى قمع حتى الاحتجاجات السلمية، وهو ببساطة رخصة للقتل، وجريمة مكتملة الأركان وتبعات هذا القانون ستكون مأساوية.
وينوه زبارقة إلى أن جرائم القتل بدم بارد ليست جديدة على الاحتلال، ولكن أن يكون هناك غطاء قانوني لها هذا يعني أنها ستزيد أكثر وإذا كنا سمعنا عن شهيد في بيتا كل جمعة، يمكن أن نسمع باثنين أو ثلاثة لأن الاحتلال شرع القتل بنص.
ويشير مركز المعلومات الإسرائيلي في الأرض المحتلة "بتسيلم" إلى أن التعليمات الجديدة تبيح إطلاق النيران الفتاكة على الفلسطينيين "دون وجود مبرر"، مبيناً أنها تعكس عُمق استهانة (إسرائيل) بحياة الفلسطينيين.
وقد سارع رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي نفتالي بينيت لمباركة هذه التعليمات، مبرراً ذلك بالقول إن الجنود يجب أن يكونوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم، وعنا جميعاً.