لا يزال الأسير أيمن الشراونة يعاني حتى اليوم من تبعات إضرابه عن الطعام، الذي يعد الأطول في تاريخ الحركة الأسيرة.
وقد عُرف الشراونة بإضرابه الطويل إلى جانب الأسير سامر العيساوي؛ احتجاجاً على إعادة اعتقاله بعد تحرره ضمن صفقة وفاء الأحرار.
وبدأ إضرابه عن الطعام في 2012 الذي امتد لمائتين وستين يوماً، ولم تفرج عنه "إسرائيل" إلا بعد أن قررت إبعاده إلى قطاع غزة، ضمن صفقة تقضي بإبعاده لــ10 سنوات مقابل الإفراج عنه.
"الرسالة" استرجعت معاناة الإضراب مع محررين خاضوا التجربة، وحاولت نقل التبعات التي تركتها على صحتهم حتى بعد مضي أعوام، مع خوض عدد من الأسرى لذات التجربة وتجاوز عدد منهم لمائة يوم دون طعام.
اليوم وبعد تسعة أعوام من الإفراج عنه، يشكو الشراونة من ضعف في عضلة القلب، ويصف "للرسالة" التجربة بأنها كانت الأصعب.
وقال: "ما بعد الإضراب كان أخطر من الإضراب نفسه، فتجاوز فترة الإضراب لأكثر من مائة يوم سوف يخلف أوجاعاً وآلاماً من الصعب أن يتجاوزها الأسير سريعاً".
لا زال شراونة يعاني من ألم في المفاصل، وقد تخلى عن عاداته في ممارسة الرياضة والتي كانت ترافقه في الاعتقال ما قبل الإضراب، لأن قلبه لم يعد يحتمل أي مجهود طويل سواء في لعب الرياضة أو حتى المشي، وتلك إحدى نتائج الإضراب.
"يسحب الإضراب السوائل من الجسد ولا يعود التعافي سهلاً" وفق شراونة، فقد استغرق أكثر من ستين يوماً وهو يحاول استرجاع عمل جهازه الهضمي وعودته إلى طبيعته السابقة.
ويضيف: "يعيش الأسير أيامه الأولى على شرب الشاي المر، ثم يدخل الأغذية المهروسة إلى جسده تدريجياً، حتى يبدأ الجسد يستوعب عودة الطعام إلى الجهاز الهضمي".
ورغم تحسن صحته، إلا أن شراونة لم يعد إلى وضعه الصحي الأسبق؛ لأنه خسر حوالي 60 كيلو جراماً من وزنه، ورغم عودته إلى الوزن الطبيعي إلا أنه لا زال يعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي حتى اليوم.
يعلم الأسير المحرر أهداف الاحتلال من المماطلة في الإفراج عنه وعن غيره من الأسرى، لا سيما الإداريين، لكنهم رغم ذلك يحاولون خوض المعركة بإصرار لأنهم يعلمون أن ما يفعلونه هو نوع من النضال.
عودة إلى الحياة
للأسير ماهر الأخرس الذي أوقف إضرابه عن الطعام الذي استمر حتى 103 أيام، تجربة أخرى مع العناد، فقد عاد إلى الحياة بعد خسارة أكثر من عشرين كيلو غراماً من وزنه، مؤكداً أن الاحتلال يحاول أن يماطل في الاستجابة للأسير حتى يتأكد من أنه لن يعود إلى طبيعته.
ويرى الأخرس أن الاحتلال يحاول وضع خطوط أكثر خطورة، ولكن الأسرى دائماً يكسرون كل هذه الخطوط، والدليل على ذلك إضراب هشام أبو هواش اليوم، ولكن هذه المحاولة، وفق الأخرس، خطيرة جداً ويدفع ثمنها الأسير غالياً.
وعن الأثمان التي دفعها يقول الأخرس "للرسالة": "حتى هذه اللحظة وبعد عام من فك الإضراب، أعاني أوضاعاً صحية صعبة وقضيت ثلاثة أشهر ما بعد الإضراب لا أستطيع الوقوف ولا التوازن، وحتى الآن أعاني من عدم وضوح في الرؤية وعجز عن الوقوف لوقت طويل أو العمل لساعات طويلة وكل ذلك بسبب خلل في الأعصاب سببه الإضراب".
عاش الأخرس بعد الإفراج لأكثر من شهر تحت نظام غذائي خاص مقتصر على السوائل وكل لقمة طعام كان يتناولها حسب إرشادات أطباء التغذية وقد تدرج حتى وصل إلى الوضع الطبيعي بعد عشرين يوماً من كسر الإضراب.
ويرى المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه بأن نتائج الإضراب عن الطعام تتباين من أسير لآخر، فهناك من يعاني من مشاكل صحية ما قبل الإضراب الذي يزيد من تراجع حالته، وهناك من يؤثر عليه الإضراب مدى الحياة حتى لو لم يكن يعاني من مشاكل صحية في الأصل.
ويضيف: "ولكن بالمجمل، فإن الأسير يحتاج إلى مرحلة استشفاء وإشراف طبي على الغذاء وطريقة عودته إلى الحياة، وهناك من ظل يعاني من عسر الهضم ومشاكل معوية حتى بعد كسر الإضراب بفترة طويلة".
كل هذه النتائج التي يعاني منها الأسير على مدى سنوات، حتى بعد الإفراج عنه تعرفها " إسرائيل" ولكنها معنية بالاستجابة المتأخرة لمطالب الأسير، حتى تضمن أن تجعله يدفع الثمن غالياً من جسده بعد أن دفعها من سنوات عمره داخل المعتقل.