قائد الطوفان قائد الطوفان

المهندس عياش.. يوم أن كتب التاريخ بالدم والنار..

خالد النجار.jpeg
خالد النجار.jpeg

د. خالد النجار

في مثل هذا اليوم الخامس من يناير 1996 ارتقى المهندس "يحيى عياش" شهيدًا إلى ربه، بعد رحلة جهادية حافلة بالبطولة والمجد، استطاعت خلالها كتائب القسام أن تُسقط قادة العدو وتكسر هيبة جيشهم، وتفكك معاقل بنيانهم، وتحرق أجسادهم في كل موطيء قدم وصل له الاستشهاديون الفدائيون، وهم يشعلون ثورة جديدة، وبفكرٍ جهادي أشار لعقلية المقاوم الصنديد، حين يدافع عن أرضه ودينه وشعبه، وينتقم لأبناء أمته، ويقهر مؤسسي دولة الكيان.

 

عياش وهو أحد مهندسي كتائب القسام، القائد الذي نقل المقاومة إلى مرحلة جديدة من مراحل الصراع مع الاحتلال، رسم خارطة جديدة للوطن، وأعطى دلالات واضحة أن هذا العدو سيرحل عن أرض فلسطين، ولن تجدي المفاوضات نفعًا، بل لغة السلاح والمقاومة بكل الأدوات والوسائل التي تُمكّن من تحقيق هذه الرؤية، وهي كنس العدو، ودحره من أراضينا المحتلة.

 

عجز قادة العدو عن التصدي لبراكين الغضب التي أشعلها عياش، ولم يعد لديهم أي مقومات تدفع تجاه السيطرة على الخلايا العسكرية التي تشكلت بفعل المقاومة، وباتت كافة المستويات الصهيونية في خطر كبير أمام المد الجهادي، الذي قال عنه رئيس الوزراء "رابين" "لن أستطع أن أوقف فلسطينياً قرر الموت بهذه الطريقة"، وهو ما عجّل بقرار الحكومة الصهيونية لاغتيال المهندس.

 

باتت معظم المدن المحتلة تحت نيران عياش ورفقائه من أبناء كتائب القسام، وتوقفت الهجرة إلى دولة الاحتلال، وضعفت أيديولوجيا الحركة الصهيونية التي انتشرت بين الغرب، والتي تمنحهم صكوك الحياة الآمنة على أرض فلسطين المحتلة، وهناك من انتقد أداء حكومة الاحتلال، واتهمها بالفشل في الحفاظ على المشروع الصهيوني، وكان من أبرزهم الإدارة الأمريكية التي حاولت أن تعيد ترميم نظريات الأمن الصهيوني، بعد أن دعمت الحكومة بقرار يتعلق بأجهزة الأمن الفلسطيني، من خلال البدء الفوري بالتنسيق التام والعمل وفق رؤية مشتركة للقضاء على كافة مظاهر التسلح والمقاومة بالضفة وقطاع غزة، وهو ما انبثق عنه وقوع مجزرة كبيرة أمام مسجد فلسطين عام 1996 على يد من خذلوا فلسطين وخانوا القدس ودماء الشهداء..

 

رحل عياش بعد عملية اغتيال، ولن يرحل مشروع المقاومة، وتعزز بدماء القادة الشهداء، وبالفعل البطولي لمن كتب الله لهم الحياة، لتحيا أجيال تصارع العدو، وتضربه في تل الربيع، والقدس، وحيفا، ويافا، ورامون.. هي تلك الخارطة التي رسمها عياش بفكر الثورة والجهاد والمقاومة وبذل النفس على طريق الحرية والجهاد والتحرير.

البث المباشر