ترك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية رسالة للأجهزة الأمنية العسكرية (الإسرائيلية) بقوله "إن الأذرع الممتدة للمقاومة لن تترك الأسرى وحدهم". بدأ صدى تلك الرسالة يدوي في فضاءات الأجهزة الأمنية حين أعلنت عن الإمساك بأحد رجال الموساد المشاركين باغتيال العالم الشهيد فادي البطش بماليزيا.
أداء أمني يفتح الباب مشرعاً أمام استراتيجية "الأذرع الممتدة" العاملة باستخبارات المقاومة، ويترك سؤالاً كبيراً حول مدى تأثيرها الاستراتيجي على مسار المواجهة، وقدرتها على إحداث تغييرات جوهرية في عملية الصراع مع الاحتلال.
احتياج ومرونة!
الخبير الأمني محمد أبو هربيد، رأى أنّ هذه الاستراتيجية تعبر عن اتساع رقعة الحرب الأمنية بين حماس والاحتلال، كما أنها تعزز أدوات المقاومة في معركتها القائمة على صراع الأدمغة وتقليم الأظافر.
وقال إن هذه الرؤية تعبر عن جزء من احتياج المقاومة، الذي يفرضه تهديد الاحتلال، "وهذا يؤكد قدرة الحركة على توسيع مجالها".
ويضيف: "كما أنّ هذه الرؤية تعبر عن مرونة المقاومة في التعامل مع التهديدات، وأنها ليست متشنجة أو خائفة من أن تعمل في إطار أوسع من غزة".
ويؤكد أنّ إنجاز المقاومة يشير لتقلص الفجوة المعرفية بين أمن المقاومة والاحتلال، مبيناً أن ذلك مؤشر على سرعة استجابة الجهات المختصة لدى حماس تحديداً، مقابل تراجع (إسرائيل) التي كانت تجوب الأرض طولا وعرضا، وتعتقد أنها وصلت إلى ما وراء الطبيعة في عملها الأمني.
وأرجع هذا الإنجاز إلى طبيعة العمل الأمني المعقد الذي تخوضه المقاومة، وترك تجربة أمنية جديرة وكنزا استخباريا تملكه المقاومة، ما شكّل عامل قلق للاحتلال الذي يفكر ليل نهار في كيفية إحباطه.
وأوضح أبو هربيد أنّ هذا أيضا يعود لنجاح المقاومة في القضاء على منظومة التنسيق الأمني التي أنشأتها السلطة السابقة، وكانت تنفذه في قطاع غزة بحرية كاملة.
وأكدّ أن ّالاحتلال بدأ يلمس هذا النجاح عبر تخوفه من رجوع عملائه لقطاع غزة، وهو ما يعبر عن النقلة النوعية للمقاومة في العمل الأمني.
وشددّ أبو هربيد على أن جماهير الأمة تشكل في جوهرها حاضنة شعبية للمقاومة، وتصنع بيئة مساندة لعملها المقاوم.
ونوه بتتعامل الأجهزة الأمنية مع الوقائع بمهنية عالية بعيدة عن محاولة الاحتلال دفع الملفات ضمن صراع أطراف فلسطينية لخلط الأوراق.
تطور دراماتيكي!
من جهته، أكدّ الخبير الأمني محمد لافي، أن أداء المقاومة يعبر عن تطور في أساليبها وإمكانياتها وإدارتها للمواجهة مع الاحتلال، وصولا لتحقيق معادلة تعزيز الردع.
وقال لافي لـ"الرسالة نت" إنّ هذا التطور يأتي في سياق العمليات المتداخلة من حيث البعد الزمني، مشيرا إلى تطور لتحقيق الردع، عبر العمل الأمني والاستخباري".
ونبه إلى أن ّتطور العمل العسكري في البيئة المقاومة اتضح أكثر في معركة سيف القدس، إلى جانب بروزه في عملية الهروب الكبير للأسرى الستة في سجن جلبوع، التي دلّت على عبقرية الأداء الأمني للمقاومين حتى وهم في داخل المعتقل.
وأكدّ لافي أن المقاومة تعمل على تعزيز روافدها العسكرية بروافد أمنية رديفة قادرة على جلب المعلومات بكل الطرق، التي تتيح لها تسجيل ضربات موجعة للاحتلال، مستفيدة من كل الجهود التي تتوفر لها وفي القلب منها دعم الأمة وشعوبها للشعب الفلسطيني ومقاومته.
وكانت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، أعلنت اليوم الأحد عن توقيف أحد المتورطين في المشاركة بحادثة اغتيال الشهيد فادي البطش في ماليزيا بتاريخ 21 أبريل 2018.
وقال المتحدث باسم الوزارة إياد البزم في تصريح صحفي، إن اعترافات الموقوف في التحقيقات الأولية الجارية لدى الأمن الداخلي أكدت تورطه في المشاركة باغتيال الشهيد البطش بتكليف من جهاز الموساد الإسرائيلي.
وذكر البزم أنه يجري استكمال التحقيقات في القضية.
واستشهد الأستاذ الجامعي فادي البطش في 21 أبريل 2018، حين أطلق مجهولَان يستقلان دراجةً نارية عشر رصاصات عليه، أثناء توجهه لصلاة الفجر في مسجد يقع قرب مقر سكنه في العاصمة الماليزية كوالالمبور.