ثلاثة عشرة عاماً مضت على استشهاد وزير الداخلية سعيد صيام، لكن كلماته وتوجيهاته ما زالت راسخة في عقول منتسبي الوزارة وقلوبهم، وهو يقول لهم "إن مهمتكم هي مهمة إنسانية فأدوها دون أي تفريق بين الناس".
كان الشهيد صيام عنواناً للنجاح في كل طريق يسلكه. يُؤدي عمله بنظام، ويتواصل مع المجتمع في كل الميادين والمهمات، وهو من الشخصيات التي تمتعت بحكمة واسعة وإرادة صلبة، لم يمل أو يكل في بذل أي جهد في سبيل خدمة أبناء شعبه.
وبعد ثلاثة عشرة عاماً على العدوان الإسرائيلي عام 2008-2009، ظنَّ الاحتلال أنه باستهدافه المنظومة الأمنية القوية التي أسسها الشهيد صيام، سيكسر شوكة الأمن في غزة، لكن بقيت الداخلية أقوى أمام التحديات التي عصفت بها.
محطات بارزة
وُلد سعيد محمد شعبان صيام بمخيم الشاطئ عام 1959م، لأسرة تعود أصولها إلى قرية الجورة قضاء المجدل، وهو متزوج وأب لستة من الأبناء.
أتم تعليمه وحصل على دبلوم من دار المعلمين برام الله عام 1980، ثم البكالوريوس في التربية الإسلامية من جامعة القدس المفتوحة عام 2000، ثم عمل مُعلمًا في مدارس وكالة اللاجئين.
تقلد "صيام" عدة مواقع ومناصب، أبرزها رئاسة لجنة قطاع المعلمين بوكالة الغوث، وعضوية اتحاد الموظفين بالوكالة، إلى جانب عضوية كلّ من مجلس أمناء الجامعة الإسلامية بغزة، والهيئة التأسيسية لمركز أبحاث "المستقبل".
اعتقل صيام 4 مرات إدارياً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وكان أحد المُبعدين إلى مُخيم "مرج الزهور" جنوب لبنان عام 1993 لمدة عام، كما اعتقله جهاز الاستخبارات التابع للسلطة الفلسطينية عام 1995.
تميز بالحكمة الواسعة في إدارة المواقف، وتقريبه لوجهات النظر المُختلفة، الأمر الذي أهله للعمل في مجال الإصلاح بين الناس، كما مثّل حركة "حماس" في لجنة المتابعة العليا للفصائل الفلسطينية، وشغل عضوية مكتبها السياسي، وكان مسؤولًا عن دائرة العلاقات الخارجية في الحركة.
لمع نجم "صيام" عندما حصل في الانتخابات التشريعية عام 2006 على نسبة تصويت بالضفة وغزة عن دائرة واحدة، كما أُسندت له وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية "العاشرة"، التي أعقبت الانتخابات.
أسس وطنية
بعد تكليفه بحقيبة وزارة الداخلية عقب تشكيل الحكومة العاشرة، نجح الشهيد صيام في إعادة تأسيس بنيان الوزارة بطريقة مهنية، واستطاع إعادة بناء الأجهزة الأمنية والشرطية بعقيدة وطنية خالصة، وكان الاعتبار الأساس بالنسبة له: الوطن والمواطن.
كما قاد صيام مواجهة حالة الفلتان الأمني وفوضى السلاح، فاستطاعت الداخلية في عهده أن تُعيد الأمن المفقود في السنوات التي سبقت توليه منصب وزير الداخلية، ووصلت الحالة الأمنية في عهده مرحلةً مستقرة لم يسبق أن عاشها قطاع غزة فيما يتعلق بالأمن الداخلي.
أنشأ الشهيد صيام ديواناً للرقابة لتصويب الأداء داخل الوزارة وإنصاف المواطنين، كما أسس معهداً للعلوم الأمنية، وهيئة للتوجيه والإرشاد التي نظمت البرامج التدريبية في مختلف المواقع الأمنية.
لم يتخلف الوزير صيام عن قيادة وزارة الداخلية منذ اليوم الأول للعدوان عام 2008 وحتى اللحظات الأخيرة قبل استشهاده، والتقدم في الصفوف الأولى من أجل المحافظة على الأمن والاستقرار الداخلي من جانب، وحماية ظهر المقاومة أمام العدوان الإسرائيلي من جانب آخر.
استشهد الوزير صيام في اليوم العشرين للعدوان، بتاريخ 15 يناير 2009، برفقة نجله محمد وشقيقه إياد وزوجة شقيقه، بالإضافة إلى عدد من الفلسطينيين، باستهداف طائرات الاحتلال لمنزل بحي اليرموك غرب غزة، ليختتم بذلك حياة برع فيها مربياً وقائدًا ووزيرًا وشهيدًا.
ويبقى طيف ذكرى الشهيد صيام خالداً، فالداخلية تُواصل العمل على النهج ذاته، وتزداد قوة عامًا بعد عام، بفعل تدبيره الأمني المُحكم.
المصدر: وزارة الداخلية والأمن الوطني