منذ اختراق فايروس كورونا لأقسام الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات (الإسرائيلية)، تهاونت مصلحة السجون في دعمهم وتوفير أبسط الأدوات الوقائية لهم، لكن بعد إصابة عدد كبير منهم، ووسط ضغوط دولية سمحت بتلقي غالبيتهم اللقاح.
ومع بداية الجائحة تعمدت إدارة السجون سحب أكثر من 140 صنفاً من "كنتينا" الأسرى، كمواد التنظيف التي تعد عاملاً أساسياً لمواجهة العدوى خاصة مع اختفاء مواد التعقيم والتطهير.
وقبل أيام قليلة، أُعلن عن إصابة سبع أسيرات في سجن الدامون بفايروس كورونا وهن "شروق دويكات، ربا عاصي، تسنيم الأسد، فدوى حمادة، نورهان عواد، شذى عودة، شروق البدن"، ويأتي ذلك ضمن سياسة الإهمال الطبي التي تتعمد مصلحة السجون اتباعها ضد الأسيرات بعد الأحداث التي شهدتها الأسابيع الأخيرة ولقيت تعاطفا جماهيريا مع حقوقهن.
تقول الأسيرة المحررة نسرين أبو كميل: "فور سماعي بإصابة الأسيرات تواصلت مع ذويهن في الضفة المحتلة، وجميعهم في حالة قلق على بناتهن".
وتوضح أبو كميل "للرسالة" أن الوضع الحالي للأسيرات بحسب معرفتها ومعايشتها لهن قبل الافراج عنها، فإن المصابات بفايروس كورونا معزولات في غرفة خاصة ويخرجن ساعة واحدة للفورة دون الاحتكاك بالأسيرات الأخريات".
ولفتت إلى أن الأسيرات المعافيات يعملن على الدعم المعنوي والنفسي للمصابات عبر التواصل معهن من بعيد، كما يعددن لهن الشوربات والأطعمة التي تقوي مناعتهن.
وأكدت أبو كميل أن إصابة واحدة بفايروس كورونا داخل سجن الدامون بين الأسيرات يثير حالة من القلق والتوتر، خاصة بين أصحاب الأمراض المزمنة، لافتة إلى أن الأسيرات يشترين من حسابهن الخاص أدوات التعقيم، لأن مصلحة السجون لا توفر سوى "الكلور المخلوط" لكن بعد معاناة كبيرة.
وذكر إسلام عبده، الناطق باسم وزارة الأسرى بغزة، إن مصلحة السجون (الإسرائيلية) تتخذ من جائحة كورونا أداة جديدة لقمع الأسيرات خاصة بعد الأحداث التي وقعت في الأسابيع الأخيرة من ضرب وتنكيل وسحل وعزل انفرادي لبعضهن، حين علت أصواتهن للمطالبة بتلبية احتياجاتهن الأساسية التي يحرمن منها.
وأكد عبده "للرسالة" أن الإعلان الأخير عن تفشي فايروس كورونا في سجون الدامون يعد مؤشرا خطيرا على حجم الانتشار، مشيرا إلى أنه لا يستبعد أن يكون دخول الفايروس متعمدا خاصة بعد تعرض الأسيرات للتنكيل قبل فترة.
ويشير إلى أن ما يؤكد انتشار الفايروس بصورة متعمدة هو ظهوره رغم منع الأسيرات من زيارة الأهل أو المحامي، وبالتالي لا يوجد مصدر لوصول الفايروس من الخارج، لافتاً إلى أن مصلحة السجون تلجأ لزرع الفايروس بين الأسيرات كإجراء عقابي.
وبحسب متابعته، فإن الأسيرات المصابات تلقين اللقاح ضد فايروس كورونا، مشيراً إلى أن حالة الاكتظاظ داخل غرف الأسيرات وبيئة السجن الحاضنة للمرض والمليئة بالرطوبة والتعفن من شأنها أن تعمل على انتشار الفايروس مجدداً.
وأكد عبده أنه من خلال تواصل وزارته مع ذوي الأسيرات فإنهم في حالة قلق على بناتهم، وعلقت والدة مرح بكير "بناتنا في خطر ويتعرضن للإهمال الطبي"، موضحة أن الأسيرات المصابات تم الكشف عنهن بعد مرور فترة من ظهور الأعراض عليهن، مما يؤكد سياسة الإهمال وانعدام الإجراءات الوقائية داخل الأقسام.
يذكر أن عدد الأسيرات في السجون الإسرائيلية حوالي 32 أسيرة، ويعانين من ظروف معيشية قاسية داخل سجن الدامون حيث الإهمال الطبي ونقص في مواد الكنتينا، وحرمان من الزيارات، فضلا عن العزل الانفرادي لكل من تعترض على الإجراءات القمعية التي تتخذها إدارة السجن.
ووفق إحصائية أعدها نادي الأسير، فإن أعداد الأسرى الذين ثبتت إصابتهم منذ بداية انتشار "كورونا" وتمكنت المؤسسات المختصة من توثيقها ومتابعتها منذ شهر نيسان العام الماضي وحتى اليوم وصلت إلى 409 إصابات، حيث سُجلت مؤخراً إصابات بين صفوف الأسرى والأسيرات في سجون: النقب، وعوفر، ورامون، بالإضافة للدامون.