يتعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي، أثناء تدريباته العسكرية في منطقة الأغوار الشمالية، تدمير الأراضي الزراعية، وفرض أمر واقع على السكان هناك لدفعهم إلى الرحيل وترك أراضيهم.
منطقة الأغوار الشمالية، تبلغ مساحتها قرابة 25 في المئة من مساحة الضفة الغربية، وأصبحت محط أطماع سلطات الاحتلال، حيث تنمو المستوطنات، وتتسارع عمليات التطهير العرقي فيها على حساب البدو والمزارعين البسطاء.
وكشف تقرير لمركز حقوق الإنسان "بتسيلم" بأن الاحتلال دمر مساحات واسعة من أراضي المواطنين الفلسطينيين المزروعة بالمحاصيل الأسبوع الماضي، عبر اجتياح عشرات الدبّابات والجرّافات والشاحنات العسكريّة للأراضي الزراعيّة في أكثر من تجمع بدوي ورعوي وزراعي، من بينها تجمّع "خربة إبزيق" في الأغوار الشماليّة.
وأشارت إلى أن الهدف هو سدّ الطريق على أيّ تطوير فلسطينيّ في الغور.
وقال التقرير إن تلك التدريبات المزعومة لا تزال مستمرّة، حيث خرّبت الدبّابات والجرّافات مئات الدّونمات من الحقول المزروعة بالحنطة والشعير وحقولاً أخرى حرثها الأهالي استعداداً لزرعها.
وأكد التقرير أن "إسرائيل" تحاول تعميق سيطرتها على المنطقة واستغلال مواردها لاحتياجاتها حصريّاً ولتوسيع المستوطنات عبر تهجير الفلسطينيين بتدمير منازلهم ومحاصيلهم وسرقة التراب الأحمر، تحت غطاء “التدريبات العسكريّة” بحجة أن المنطقة عسكرية مغلقة.
وجاء في التقرير أن جنود الاحتلال أطلقوا النار وقذائف المدفعيّة في مواقع تبعد مئات الأمتار عن منازل التجمّعات الرعوية والزراعية؛ لترهيب المواطنين الفلسطينيين ودفعهم للرحيل عن أراضيهم ومزارعهم مصدر رزقهم.
ويشير التقرير إلى أن جيش الاحتلال يستعرض أمام الشرائح الضعيفة في المجتمع الفلسطيني في محاولة قديمة ومتجددة لحصر الوجود الفلسطيني في منطقة الغور والمرافق الحساسة ذات الخصوبة ووفيرة المياه لضمها للتكتلات والبؤر الاستيطانية التي تنتشر هناك.
ولفت إلى أن "إسرائيل" تواصل طرد سكّان خربة ابزيق، هذه المرّة، بواسطة تخريب حقول وهدم منازل بذريعة "التدريبات العسكريّة" والحقيقة هي عملية تجريف لقوت ورزق ومقومات حياة مئات وآلاف الفلسطينيين من مزارعين وبدو وعمال بسطاء استقوت عليهم بآلتها العسكرية.
ويرى الباحث بمؤسسة "معاً للعمل التنموي" حول البيئة والانتهاكات الإسرائيلية رائد موقدي أن التدريبات العسكرية الإسرائيلية باتت خطة ممنهجة وتستهدف تهجير السكان وتدمير الأراضي الزراعية.
ويبين موقدي في حديثه لـ"الرسالة" أن الاحتلال يتعمد إجراء هذه التدريبات خلال فترة حساسة وهي بداية موسم الزراعة؛ مما يؤدي إلى تدميرها وإغلاق مناطق واسعة منها واستخدام الذخيرة الحية والدبابات والمعدات الثقيلة، مما يدمر شبكات الري ويلوث المياه.
ويوضح أن التدريبات تمتد لأسابيع وتستهدف قذائف الدبابات الخيام الفلسطينية وحظائر الماشية مما يدمر الثروة الحيوانية؛ بغرض دفع السكان إلى ترك أراضيهم وتهجيرهم منها.
ويقول الناشط في مجال مقاومة الاستيطان عارف دراغمة، "إنَّ مئات الدونمات المزروعة بالبيقيا والقمح والشعير والخضراوات، دمرتها جنازير الدبابات في خربة ابزيق ومنطقة الشك بالفارسية وقاعون ومناطق عدة أخرى".
ويضيف دراغمة في حديث صحفي أن التدريبات أغلقت أيضاً المراعي أمام عشرات الرعاة، وسط تخوف من إسقاط قوات الاحتلال مخلفات في أماكن لا يمكن مشاهدتها.
ويشير إلى أنه بالتوازي مع الدمار الذي لحق بالأراضي الزراعية، فقد عمد الاحتلال إلى إخلاء منازل عشرات العائلات ليلاً، وتشريد أهلها في العراء.