إعداد :رشا فرحات
يُعَد الكاتب المصري عمر طاهر من أذكى كتاب المرحلة، ففي كتيباته الصغيرة متعة وخفة ظل لما جمعه فيها من المعلومات الجديدة بأسلوب أدبي أحيانا وساخر أحيانا أخرى.
في كتاب "من علم عبد الناصر شرب السجائر" مجموعة من العناوين ما بين السياسة والمجتمع وبساطة الحياة المصرية.
هناك أسئلة طرحها وأجاب عليها طاهر في خمسة عشر فصلاً بعد أن يسير بالقارئ في رحلة طويلة سردية في كل فصل يستعرض فيها حقائق بسيطة ويبني عليها فكرته، ربما تكون حقائق مهمشة لم يلتفت لها التاريخ، واستطاع طاهر تأريخها في كتابه.
في الكتاب وطن ونيل وفلاح مصري وعلاقات سياسية نعرفها وقد لا نعرف تفاصيل مشاعرها الدقيقة.
يقول في كتابه: "ارتباط المصريين بالنيل يكاد يكون في قوة ارتباط عبد الناصر بعبد الحكيم عامر. كان ناصر يتحدث عن عامر بحب شديد- قبل النكسة طبًعا- قائلاً: إحنا صعايدة وضباط، وأخذنا شقة مع بعض في القاهرة، وهو الوحيد اللي دخل بيته في عدم وجوده والعكس صحيح. وإذا أردت أن أحل أي معضلة أتكلم مع عامر حتى تتبلور أفكاري، وعامر هو الوحيد الذي يمكن أن يتقبل عني الرصاص، وهو اللي علمني شُرب السجائر.
هناك ألغاز لا نعرفها في علاقة عبد الناصر بعبد الحكيم عامر، يلمّح لها عمر طاهر ولا يصرح، فنتأمل أكثر في كلماته ونستنتج: «كانت السيجارة في يد عبد الناصر لها جاذبية أكبر من تلك التي تمتلكها وهي في يد نجوم السينما وقتها، كل ما يتعلق بعبد الناصر محل خلاف ما عدا جاذبيته».
وغير عبد الناصر، تكلم طاهر عن الفنانين، وقصصهم، وبعض من أسرارهم، تحت عناوين متنوعة تحدث عن أم كلثوم، وفاتن حمامة، مدخلا السياسة في كل سطر، بأسلوب جميل ساخر لا يخلو من المفاجأة.
ببساطة فإن مؤلفات الكاتب عمر طاهر تدخل إلى قلب القارئ بسلاسة شديدة لأنه يكتب بلغة بسيطة وتحمل معان عميقة في ذات الوقت، يرفع كل الحواجز بينه وبين القارئ، ينتقل بك بين التأمل والكوميديا والدفيء، وهذا أحد الكتب الذي ننصحك بقراءته.