لا تزال بنادق الضفة تمطر جيش الاحتلال ومستوطنيه بالرصاص في كل يوم وليلة، فيما فشلت سياسات الاحتلال في إطلاق النار اتجاه الفلسطينيين في حل المعضلة، بل أدت لنتائج عكسية، تمثلت في قتل الضباط لبعضهم البعض.
ولا يدل ما سبق على شيء سوى أن الفلسطيني شبّ عن طوق الخوف الذي زرعه الاحتلال بمعاونة سلطة حركة فتح، وبات أكثر جرأةً على استهداف الاحتلال ومستوطنيه، إلى أن أصبحت عمليات إطلاق النار أمرا روتينيا في حياة الاحتلال.
وأدت عمليات إطلاق النار والدعس والطعن إلى جعل البقاء في الضفة له ثمن يدفعه الاحتلال والمستوطنون يوميا من حياتهم وراحتهم على الأرض الفلسطينية المغتصبة، إلى أن يصبحوا غير قادرين على دفع فاتورة الجلوس فيها، ويضطروا للهروب منها كما فعلوا في غزة سابقًا.
وفي تفاصيل المشهد، ذكرت صحيفة ميكور ريشون العبرية، أمس الأحد، أن حالات إطلاق النار على قوات جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة المحتلة، كانت نادرة نسبيًا في الماضي، لكن حجمها زاد مؤخرًا بشكل ملحوظ.
وبحسب الصحيفة فقد أُطلقت نيران كثيفة على جنود العدو في بلدة سيلة الحارثية قضاء جنين، أثناء أخذ قياسات لمنازل منفذي عملية حومش، التي قتل فيها مستوطن قبل عدة أسابيع، وذلك تمهيداً لهدمها، وفي جنين هناك إطلاق نار شبه يومي على معسكرات جيش العدو.
وأضافت: "أصبحت صور الملثمين الفلسطينيين الذين يطلقون النار في مدن الضفة الغربية أكثر شيوعًا، ويتفاخر المسلحون بأسلحتهم علنًا في الجنازات واحتفالات تحرير الأسرى، وحتى المسيرات الاحتجاجية ضد السلطة الفلسطينية".
ووفق الصحيفة، فإن سبب انتشار هذه الأسلحة يعود إلى ضعف الأجهزة الأمنية، وتنامي المعارك بين المرشحين من أجل خلافة أبو مازن مما جعل الفلسطينيين أكثر جرأة، حيث يقدر بأن مخزونات كبيرة جداً من الأسلحة تصل إلى عشرات الآلاف، منتشرة بين التنظيمات والعائلات في مخيمي بلاطة وجنين وفي الخليل.
واستكملت الصحيفة: "منذ معركة سيف القدس وبعد إلغاء الانتخابات في السلطة الفلسطينية من قبل أبو مازن، بذلت حماس جهوداً كبيرة لإقامة قاعدة اقتصادية وعسكرية في الضفة الغربية، حيث تتمركز الخلايا المسلحة التابعة للتنظيم في أنحاء الضفة الغربية، وخاصة في منطقة الخليل".
ورغم أن الاحتلال اتبع سياسة "يد خفيفة على الزناد" التي ينتهجها ضد الفلسطينيين، وذلك بهدف إبعادهم عن التفكير في المساس بجنود الاحتلال والمستوطنين، إلا أن هذه السياسة دفع ثمنها الاحتلال غاليًا، بقتل ضابط من القوات الخاصة لاثنين من زملائه، ما يمثل فشلا عسكريا ذريعا للمنظومة الأمنية الإسرائيلية بأكملها.
وفي 12 ديسمبر/كانون الثاني الماضي قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الجيش أتاح لجنوده إطلاق النار على الفلسطينيين مُلقي الحجارة والزجاجات الحارقة، حتى بعد الانتهاء من إلقائها، وأثناء انسحاب الشبان من المكان، أي دون أن يشكلوا خطراً على الجنود.
وفي التعقيب على ذلك، قال الدكتور أحمد رفيق عوض المختص في الشؤون الإسرائيلية، إنه من الملاحظ تزايد حدة إطلاق النار في مدن الضفة ومخيماتها، وحينما نتحدث عن عملية إطلاق نار في الضفة فذلك يمثل إنجازًا عسكريًا وأمنيًا، يحسب له الاحتلال ألف حساب ولتبعات ذلك الحدث.
وأضاف عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن ما يقوم به المقاومون الفلسطينيون يقع ضمن خانة رد الفعل ليس أكثر، ولا يمكن لوم الفلسطيني على ذلك، في ظل أن الاحتلال استخدم كل سياسات إطلاق النار، وأعدم عشرات الفلسطينيين، وفتح الباب أمام المستوطنين لنشر العربدة والظلم في الضفة.
وأشار إلى أن ما يجري في الضفة يمثل نجاحا فلسطينيا يمكن البناء عليه، وفشلا أمنيا وعسكريا إسرائيليا سيكون له آثار على المشهد السياسي في (إسرائيل)، فالضفة تعد ساحة بازار إسرائيلية للتنافس فيها على فرض العضلات والاستيطان، إلا أن الفلسطيني ما عاد يسمح بذلك.
وبين يناير/كانون الأول ومنتصف ديسمبر/كانون الثاني 2021 قتل جيش الاحتلال 324 فلسطينيا وأصاب نحو 17 ألفا، في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزة، وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.