أباظة وجعفر وبن زحيمان ...

قطعة كنافة وفنجان قهوة عمره مائة عام

فنجان قهوة في القدس.jpg
فنجان قهوة في القدس.jpg

الرسالة نت

إعداد: رشا فرحات

للحلوى عراقتها، تتفاخر بها دول وبلدان وحضارات، ولعل الحضارات العربية لم تصلها حلوى عريقة كعراقة الكنافة النابلسية، والتي لا تكتمل إلا بفنجان قوة، القهوة العربية التي خرج أول فناجينها من مدينة القدس، فاكتملت وجبة صباحية نابلسية في جلسة على مدخل باب العامود.

 

كنافة نابلسية، وتنقل معها الاسم بين الدول، وظلت حتى يومنا هذا نابلسية الأصل والمذاق، والصناعة، وإن انتقلت إلى دمشق وتركيا وتحول اسمها هناك إلى اسطنبولية، لكن اللمسة الفلسطينية جعلت النابلسية الخارجة من أفران نابلس ذات بصمة خاصة لتحافظ على اسمها التاريخي عبر الأزمنة.

 

أباظة النابلسي هو أول من اشتهر بصناعة الكنافة النابلسية في نابلس، وهو من نقلها إلى دمشق وعرفت هناك باسم "كنافة أباظة" قبل أن تنتقل إلى تركيا، وتتغير الأسماء هناك.

 

وقد تنافس أباظة في بداية القرن الماضي على لقب أفضل صانع كنافة نابلسية مع كنافة رمان المقدسية، ثم اشتهرت كنافة جعفر النابلسية في الستينات ليكون أشهر محل للحلويات في القدس سنة 1949 ولا زال أهل القدس يفضلون تناول نابلسية جعفر وجبة فطور صباحية فيفتح جعفر أول سدر كنافة له في تمام الساعة السابعة قبل أن يصل أصحاب المحال التجارية إلى السوق.

 

وما دمت قد وصلت إلى باب العامود وأكلت صحنًا من كنافة جعفر، لابد أن تختم طبقك بفنجان قهوة من بن زحيمان، الذي يوجد الآن له عشرة فروع متفرقة بين القدس والضفة الغربية والأردن.

 

تأسست مطاحن ازحيمان للبهارات في سوق خان الزيت بالقدس عام 1921، وكانت أول مطحنة للقهوة في المدينة.

 

ما زالت عائلة ازحيمان في مدينة القدس تحافظ عبر مائة عام على مهنة صنع القهوة التي ابتدأت بها من منزلها، ثم متجرها الصغير، إلى أن أصبح اليوم مصنعاً يصدر للمدن الفلسطينية.

رجال عائلة زحيمان كانوا يتجولون في حارات وأزقة بلدة القدس، خارجين من خان الزيت، وهم يحملون ركوات القهوة النحاسية ويلفتون نظر التجار بأصوات طرقات الفناجين،  ثم توسعت تجارتهم، ووصل طرق فناجينهم إلى المدن والقرى المجاورة، إلى أن وصلوا مدينة بيت لحم باستخدام الدواب، ثم استخدمت المركبات مع التطور.

 

وهكذا هناك على باب العامود، حيث يسعى الاحتلال إلى تكسير الحجارة ودفن التاريخ الفلسطيني، يخطر في بالك سؤال وأنت تحمل صحن كنافة وفنجان قهوة، كيف لتاريخ نتذوقه في صحوننا وفناجين قهوتنا منذ مائة عام أن يدفن ؟!!

 

 

البث المباشر