ما الذي يخيف السلطة في موكب احتفال بحرية أسير؟! ما الذي يخيف السلطة من أعلام خضراء مرفوعة على راية لا إله إلا الله؟! ولماذا يسبق القمع كل مناسبة وتجمع؟! وكأن كابوسا يطل من نوافذهم، وكأنهم يريدون للحياة أن تدور كما أرادوا، حتى قمع مناسبات الفرح الوطنية يتحول إلى باطل.
بالأمس، أُصيب الأسير عنان بشكار بعد اعتداء أجهزة أمن السلطة على موكب استقباله في نابلس. وأظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء، عدداً من الإصابات في صفوف المواطنين نتيجة إطلاق أمن السلطة قنابل الغاز بكثافة على موكب الاستقبال.
هناك طفلة في أحضان والدها، كان يتمناها من السماء فأطلت عليه بعد عشر سنوات عجاف من العلاج والانتظار، فأخذها لتحتفل معه في موكب الصديق الحر، فنالها ما نالها من غاز مسيل للدموع، وكاد أن يفقدها والدها، في لحظة ظن أنها ستكون لحظة فرح، وإذ بها تتحول إلى قرار لا داعي له، قرار بفض احتفال فرح قلبته السلطة إلى معركة! هذا ما طرحه الأب عبر صفحته مستنكراً.
من جانب آخر، قال الأسير عنان بشكار الذي تعرض للضرب والقمع في يوم الاحتفال بحريته، معلقاً على ما حدث: "يجب على الأجهزة الأمنية أن تصوب تصرفاتها تجاه المواطنين، ومن حق كلٍّ منا أن يفرح ما لم يتجاوز القانون، خاصة الأسرى المفرج عنهم، ومن يريدون أن يجتمعوا بأهلهم ومحبيهم.
ودعا بشكار المسؤولين إلى تعزيز اللقاءات الوطنية التي تكرم الأسرى دائما وتشاركهم احتفالات الحرية ووقف الممارسات العسكرية الخارجة عن المعتقدات الفلسطينية.
وأفرجت سلطات الاحتلال، الثلاثاء، عن الأسير عنان بشكار، وهو من مخيم عسكر في نابلس، بعد اعتقال دام 40 شهراً.
وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلت بشكار في الثالث عشر من ديسمبر لعام 2018 بتهمة إيواء الشهيد القسامي أشرف نعالوة، الذي استُشهد في اشتباك مسلح مع قوة من الاحتلال حاصرت منزل عائلة بشكار في مخيم عسكر. وبالإضافة إلى الحكم بالسجن، فقد فرضت محكمة الاحتلال على بشكار غرامة مالية قدرها 10000 شيكل.
تيسير محيسن، المحلل السياسي، يرى، في مقابلة مع "الرسالة نت"، أن سلوك الأجهزة الأمنية في السلطة نابع من سياسة متبعة لدى السلطة تهدف إلى الحيلولة دون تشكيل بيئة مجتمعية تتعارض مع توجهات السلطة، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال أو تعزيز مكانة فصائل العمل المقاوم أو البرامج التي تتعارض مع برنامج السلطة القائم في الضفة المحتلة.
ويضيف محيسن: "جزء من برامج السلطة، هدفه ملاحقة الاحتفالات والتظاهرات والسلوكيات المجتمعية، والتعامل مع التجمعات التي تستقبل الأسرى المحررين وخاصة عندما يكونوا تابعين لفصائل معارضة لها وهو ما حدث كثيراً مسبقاً".
حجة السلطة واهية، كما يقول محيسن، وليس لها أدنى مبرر، وإنما هي مدانة وتعزز مساحة الاحتقان والغضب لدى جمهور السلطة الفلسطيني، الذي يرى أن أجهزة السلطة تتراجع أمام قوات الاحتلال، وفي الوقت نفسه، يقمع التجمعات الاحتفالية المدنية الوطنية وهذا تناقض واضح وسلوك لا أخلاقي.