لماذا يستميت الاحتلال لتهويد الشيخ جراح؟

الشيخ جراح
الشيخ جراح

الرسالة نت- رشا فرحات

لطالما سعى الاحتلال من خلال استيطانه الجارف، إلى تغيير قواعد الديمغرافيا في المدينة المقدسة، ومحو كل ما هو عربي وتاريخي، وقطع السبل للوصول إلى البلدة القديمة، بصفتها المكان الأكثر ازدحاماً بالعرب المقدسيين ما يشكل عبئاً على احتلال ينوي تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً.

ومن أجل تحقيق المراد بكتلة استيطانية واحدة لا تقطعها أرض عربية، ولا تكون مجاورة للكابوس العربي الذي يرعب الاحتلال، عمل على التركيز أكثر على احتلال حي الشيخ جراح الذي وقع تحت الاحتلال كغيره من أحياء القدس القديمة عام 67.

والشيخ جراح لم يكن حياً، بل كان قرية ملاصقة لما بات يعرف "بـخط الهدنة" الذي تم ترسيمه عام 1949، وهو الخط الأخضر الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي، وهو الآن من أحياء القدس الشرقية.

الحي الذي يريد الاحتلال أن يسلب حق ساكنيه بالعيش أُقيم حسب اتفاقية واضحة لا تشوبها شائبة، بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا والحكومة الأردنية عام 56، وفي حينه استوعب الحي 28 عائلة فلسطينية هُجرت من أراضيها المحتلة عام 1948.

ويطرح الكاتب المختص بقضايا القدس زياد ابحيص تفسيراً يبدأه بتساؤل "لماذا هذه الاستماتة على الشيخ جراح؟" ثم يشرح الأمر قائلاً "البعد الجغرافي للشيخ جراح بالغ الأهمية فالحي يقف حائلاً ما بين الجامعة العبرية، ركيزة الاستيطان الصهيوني شرق مدينة القدس، وما بين المركز اليهودي المستحدث غربي القدس عقب عام 1948.

كما أن الجامعة العبرية، يشرح ابحيص، تحاول الاتصال شرقاً بكتلة أدوميم الاستيطانية التي تأسست في 1968، لكن قرية العيساوية تقف شوكة على تلك الجبهة، وبتكامل الاثنتين تبقى المستوطنات عاجزة عن الالتحام معاً كنسيج مدني واحد رغم 54 عاماً من الاحتلال والتهجير والسيطرة العسكرية على حد قول ابحيص.

كما أن البعد السكاني كان سبباً آخر تحدث عنه ابحيص، لافتا إلى أن هذا المركز التاريخي الذي ما زال متماسكاً لمدينة القدس، تشكل نسبة أهل المدينة المقدسيين 94% منه ، فيما المستوطنون يشكلون 6% فقط، وهو ما يعني للاحتلال فشلاً ذريعاً في اختراق المركز التاريخي لمدينة القدس.

والسبب الثالث وفق ابحيص هو البعد التاريخي: فالشيخ جراح كان أول أحياء القدس الجديدة نشأة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأصبح الحي الذي أسسته العائلة الحسينية ولحقت بها عائلات النخبة الفلسطينية كالنشاشيبي وجار الله والعلمي، المركز السياسي لمدينة القدس من الناحية العملية، وتعزز ذلك بتركز البعثات والقنصليات فيه، وبتأسيس مقرات المؤسسات الثقافية والمنظمات الدولية فيه، ويريد المحتل أن يمحو هذا الوجود السياسي الفلسطيني في القدس بكل آثاره وشواهده.

ويختم ابحيص كلامه: "من هنا فإن ذهاب الإرهابي المتطرف وعضو الكنيست عن حزب الصهيونية الدينية إيتمار بن جفير لنصب مكتبه أمام منزل عائلة سالم يأتي حرصاً على مضي الحكومة الصهيونية في مخططها، وللضغط عليها للمضي في تهجير عائلة سالم، وحشد التأييد الحزبي والسياسي من حوله بحيث تصبح هذه القضية نقطة إحراجٍ للحكومة الصهيونية".

هذا ولم تكن دعاوى المستوطنين وليدة هذا العام أو الأعوام الأخيرة فمنذ سنوات طويلة والجمعيات الاستيطانية تدعي ملكيتها لبيوت في الشيخ جراح أمام المحاكم الإسرائيلية، ففي عام 1982 رفعت أولى الدعاوى على 28 أسرة فلسطينية طالبتها الجمعيات الاستيطانية بإخلاء منازلها وعقاراتها وأراضيها.

 في حين صدر أول قرار إخلاء رسمي بحق أسرتين فلسطينيتين عام 2002، ونُفذ قرار إخلاء أول منزل في الحي عام 2008، وكان منزل عائلة الغاوي التي لا تفارق أي اعتصام في حي الشيخ جراح منذ ذلك العام، تقف مشيرة إلى جهة معلومة في الحي وتقول" ذلك هو بيتنا".

البث المباشر