قائد الطوفان قائد الطوفان

في ذكرى مذبحة الحرم

اتفاقية الخليل.. رخصة عززت الاستيطان في المدينة 

غزة- الرسالة نت

تستمر محاولات المستوطنين لتنغيص حياة المواطنين في مدينة الخليل، بحماية جيش الاحتلال الصهيوني، لإخلائها وإحكام السيطرة عليها، والاستيلاء على الحرم الإبراهيمي الذي يعد معلماً دينياً وتراثياً.

وتؤكد المعطيات على الأرض أن انتهاكات المستوطنين مدعومة سياسياً سواء بالتغطية عليها أو بدعمها بالمال وبنشر السلاح بين المستوطنين، وهو ما يؤكده الأهالي الذين لم تنصفهم المحاكم في أي من القضايا التي رُفعت لوقف الاعتداءات.

ويصادف اليوم ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي التي ارتكبها المستوطن “باروخ غولدشتاين” فجر الجمعة الـ25 من (فبراير) عام 1994 واستشهد على إثرها 29 مصلياً.

 

انتشار خطير

 

وتعكس المجزرة خطورة سلاح المستوطنين، الذي دعمت (إسرائيل) وجوده بالقانون، حتى وصلت هذه الجماعات اليوم إلى أشبه ما يكون بالجيش الرديف لجيش الاحتلال.

وفي عام 2018 قررت (إسرائيل) رسمياً السماح لمستوطنيها كافة الموجودين داخل الأراضي المحتلة بالضفة والقدس، بحمل الأسلحة النارية ومنحتهم الضوء الأخضر لقتل أي فلسطيني بدمٍ بارد ودون أي عقاب أو مساءلة.

(إسرائيل) بهذا القانون، فتحت بابًا جديدًا من الصراع والتوتر الدائم مع الفلسطينيين، ويعد هذا القرار الخطير بمثابة تشريع واضح وصريح لقتل الفلسطينيين بأمر مباشر من حكومة الاحتلال.

وأدخلت دولة الاحتلال تعديلات على قوانينها المتعلقة بحيازة أسلحة بما يسمح لمئات آلاف المستوطنين بطلب الحصول على رخصة سلاح.

وتعد الخليل نقطة اشتعال متكررة بين المستوطنين والفلسطينيين، حيث يعيش أكثر من 200 ألف فلسطيني في المدينة، إلى جانب مئات من المستوطنين (الإسرائيليين) المتطرفين الذين يعيشون في جيوب محصنة يحميها الجيش.

وهناك مشاهد لا تحصى توثقها يومياً مؤسسات حقوقية عديدة تظهر اعتداءات مستوطنين من خلال إطلاق النار المباشر، وتدمير الممتلكات، وحرق الحقول، ومنع وصول المياه إلى الفلسطينيين.

اتفاق مجحف

 

وكانت المجزرة بداية مخطط الاحتلال لتنفيذ تطهير عرقي للفصل والعزل وتشريد الفلسطينيين من البلدة القديمة لبناء "مدينة الخليل اليهودية" إذ تعطلت حياة الفلسطينيين بالأزقة بعدما قررت حكومة الاحتلال إغلاق البلدة القديمة بشوارعها وأسواقها، وتقسيم الحرم بين المسلمين واليهود.

ووظف الاحتلال "اتفاقية الخليل" المبرمة مع السلطة الفلسطينية عام 1997 لتعميق الاستيطان بالبلدة القديمة، وهي المصنفة بـ "إتش 2" وتقع تحت سيطرة إسرائيل الأمنية، ويحتلها كذلك نحو 35 ألف يهودي موزعين على 27 مستوطنة وعشرات البؤر الاستيطانية والعسكرية بالبلدة القديمة ومحيط محافظة الخليل التي يسكنها قرابة خمسمئة ألف فلسطيني.

ويلزم الاتفاق الفلسطينيين المرور بنقاط التفتيش (الإسرائيلية) في منطقة المستوطنات؛ لتضرب تلك القيود وسط المدينة في مقتل بعد أن كان مزدهراً، وأجبرت العديد من الشركات على الإغلاق.

ومنذ وقوع المجزرة، توالت الاعتداءات على المسجد الإبراهيمي وأغلقت البلدة القديمة في محيطه، وأغلقت شارع الشهداء الذي يعد الشريان الرئيسي وعصب الحياة للفلسطينيين، ما أدى لإغلاق 1800 محل تجاري بالبلدة القديمة، كما منع رفع الأذان في الحرم عشرات المرات شهرياً، وفصلت مدينة الخليل وبلدتها القديمة عن محيطها.

وصبغت الاتفاقية المدينة بصبغة خاصة، حين قسمتها إلى منطقتين، الأولى كانت "H 1" وتتبع (بالكامل للسيطرة الفلسطينية، فيما سمي القسم الآخر "H2 " ويخضع بالكامل للسيطرة الإسرائيلية).

يقول المحلل والكاتب السياسي أحمد شحادة: "لا يتحدث أي عاقل في الساحة الفلسطينية أو العربية عن اتفاق الخليل إلا وذكر الإجحاف بحق الشعب الفلسطيني في المدينة، وقد تحدث الوفد الفلسطيني على استحياء عن هذا البرتوكول على لسان كبير المفاوضين صائب عريقات".

ولا يسمح الاحتلال الإسرائيلي للسكان الذين يقطنون بجوار المسجد الإبراهيمي أن يدخلوا بيوتهم إلا بتصاريح من الإدارة المدنية وبتفتيش دقيق من جنود الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف شحادة في مقال له حول الموضوع: "لم تنصف اتفاقية الخليل أهل المنطقة الجنوبية ولا بأي ميزة، بل بالعكس ضيقت الخناق على سكان المنطقة، ووضعتهم في مناطق معزولة عن العالم، وأضف إلى ذلك إغلاق الطرق الفرعية التي تربط الأحياء السكنية ببعضها. وأغلقت المحال التجارية لفترات طويلة بسبب السياسة الإسرائيلية، وأدى ذلك إلى شلل اقتصادي تام في أسواق البلدة، فأصبح السكان يستغيثون المنظمات الإنسانية المحلية والدولية لتقديم المساعدة، مما أفرز شريحة واسعة من الأطفال والرجال والنساء عاطلين عن العمل.

وأوضح شحادة أن الاتفاقية نصت على فتح شارع الشهداء ليربط شمال المدينة بجنوبها، ووقع على ذلك المبعوث الأمريكي وتم تعبيد الشارع وإضاءته وطلاء المحلات التجارية وكان من المتوقع فتح الشارع للفلسطينيين إلا أن الجميع تفاجأ بأن الشارع تم ترميمه للمستوطنين اليهود. وأكد أن الاتفاقية أجحفت بحق المدينة بأكملها عندما وقّع المفاوض الفلسطيني وأقر بوجود يهودي عسكري ومدني داخل المدينة.

وما بين ااتفاقات ظالمة وواقع مرير يعيشه سكان منطقة فرضت عليهم حياة لم يختاروها ولو يفوضوا أحداً بأن يختارها لهم، تستمر الحياة رغم الأمر بقتل كل ما هو فلسطيني بشرا كان أو حجرا لطمس الهوية ومحو التاريخ.

البث المباشر